تحريك عجلة السوق المالي

رغم تجاوز حالة الاحتضار في الكثير من أسواق العالم التي تسببت بالأزمة المالية وخروج تلك الأسواق من غرفة الإنعاش, ورغم أن أسواق المنطقة أظهرت تعافيا وحيوية ملحوظة ليس فقط في منطقة الخليج بل أيضا في السوق المصري بكل ما تعرض له من تحديات ومصاعب, بقي سوقنا المالي دون ادنى طموحات المتعاملين معه وتبخرت فيه الكثير من الآمال والاستثمارات.
ما زال سوقنا يكافح حول حاجز 2000 نقطة وما زالت تداولاته متواضعة جدا تقل عن متوسط 10 ملايين دينار يوميا ما لم نسمع عن صفقة هنا أو صفقة هناك محورها نقل ملكيات أو تسوية حسابات معينة.
النتيجة أن سوقنا يخبت ضوؤه يوما بعد آخر والواضح ان خروجه من الأزمة التي يعاني منها لن يتم بالطرق التقليدية أو باستمرار الحال على ما هي عليه.
الحلول المنطقية اليوم تحتم الاحتكام الى قرارات محورية غير تقليدية. فبداية يمكن فصل الشركات التي تعاني من مشاكل مالية وتعثرات في سوق منفصل للتداول خارج السوق, وهو إجراء وقتي سيساعد في إزاحة عبء كبير عن كاهل تداولات السوق وحركته.
ومن الممكن التفكير باتخاذ قرارات حاسمة حول عدم السماح بتداول باقي الشركات وبأقل من قيمتها الدفترية المدققة من قبل مكاتب التدقيق المعتمدة والتي معظمها شركات ذات مرجعيات دولية معروفة وتدقق على الشركات المساهمة بمسؤولية عالية على أن يستمر هذا الإجراء لنهاية العام الحالي ويجرى تقويمه في نهاية العام.
كما أصبح من الضروري وضع تعليمات تحمي الاكتتابات الجديدة باتخاذ قرار بعدم السماح بتداول أي سهم جديد بأقل من قيمته الاسمية (دينار واحد) خلال السنة الأولى ومن ثم بالقيمة الدفترية على الأقل في السنة التالية, ما يعيد الروح والثقة الى سوق الاكتتابات الجديدة ويسمح بعودة انطلاق الاكتتابات في الشركات المساهمة العامة من جديد.
ويمكن تتويج ذلك كله بإطلاق صندوق استثماري متخصص بمبلغ لا يقل عن 100 مليون دينار بمساهمة مباشرة من البنوك والشركات المساهمة الكبرى بما فيها الاتصالات والشركات المالية الكبرى إضافة الى مساهمة بما لا يزيد على 10 بالمئة من الضمان الاجتماعي, والنتيجة صناعة قائد للسوق من خلال ذلك الصندوق السيادي المهم وعودة الروح للسوق وإعادة الشركات الى مستويات أسعارها الدفترية على الأقل.
هذه بعض من المقترحات التي لا بد لها أن تساهم بشكل جدي في تحريك عجلة السوق وتحسين أدائه في الأجل القصير, أما في الأجل الطويل فذلك يحتاج الى استراتيجية جديدة لإدارة الأمور وباعتقادي أن هيئة الأوراق المالية قادرة على البدء بوضع تلك الخطة الإصلاحية التي من شأنها أن تعيد الثقة في السوق وتستقطب الصناديق الإقليمية والدولية الى العودة الى السوق الأردني من جديد.