الأزمة السورية بين الظاهر والباطن

تم نشره الخميس 19 نيسان / أبريل 2012 04:16 صباحاً
الأزمة السورية بين الظاهر والباطن
نصوح المجالي
بعد الاعلان عن قبول الحكومة السورية قرار وقف النار وسحب الجيش السوري من المدن والقبول بخطة كوفي عنان, لم يتغير شيء على الارض ولم يتغير شيء في موقف وتفكير الحكومة السورية, ولا في اجراءات وتكتيكات المواجهة العسكرية بين الجيش السوري المدجج بالسلاح وبين الاغلبية الثائرة على النظام ومعظمهم من المدنيين العزّل.
وفي الوقت الذي نرى فيه صور الدمار التي خلفها القصف العشوائي المتعمد على المدن والاحياء السورية, ومعظمها مناطق سنية وفي الوقت الذي تُشيّع المدن السورية يومياً عشرات القتلى يُدفَنُ بعضهم على قارعة الطريق أو حدائق المنازل من شدة الهجمات التي تشن على المدن بينما يطالعنا الرئيس السوري في التلفاز وهو يتلقى التأييد ويترأس حملة توزيع المعونات على المناطق المتضررة.
في الصورة الاولى يشاهد العالم كيف يمكن لنظام ان يدفن الالاف من شعبه تحت الانقاض وأن يهدد قادة حيشه الملايين بمسح مدن عريقة من خارطة سوريا وكيف تحاصر مدن في الشمال والشرق والجنوب والوسط بالدبابات وراجمات الصواريخ والطائرات لأنها اعترضت على اسلوب الحكم وطالبت بالحرية.
وفي الصورة الاخرى كيف يقتطع الرئيس السوري بشار الاسد من وقته الثمين ليوزع بعض المساعدات على من تضرروا من حملات جيشه التي لم تُفرّق بين طفل وشيخ وامرأة وشاب واسترخصت ارواح السوريين، تحت زعم مطاردة عصابات استحضرها النظام في خياله ومزاعمه، قبل ان يضطر بعض المواطنين للدفاع عن انفسهم بالقليل من السلاح الذي حصلوا عليه من الجيش.
هناك مليون سوري مُهجرين في الداخل، إما بدون مأوى، او باستضافة سوريين آخرين منكوبين من حملات النظام العسكرية وملايين آخرين محاصرين، بدون ماء او كهرباء او طعام، وبعضهم هدمت بيوتهم فوق رؤوسهم، والرئيس يظهر في الشوارع مبتسما يوزع المعونة على الشعب السوري.
لقد تدخلت الجامعة العربية في الازمة السورية، وضاعت في المتاهة التي يقودها النظام، ولم تسفر الجهود العربية الا عن تصعيد نوعي في الهجمة العسكرية على المدن والمناطق السورية والمعارضة.
وها هي الامم المتحدة، تتدخل في سوريا والمعارك تتواصل وستنتهي مهمة عنان الى نفس المتاهة التي وصلت اليها مهمة الجامعة العربية لان النظام السوري يرى خلاصه في المواجهة الامنية وقهر شعبه ويرى سقوط نظامه في التنازل الذي يفك قبضته الامنية عن سوريا.
ولهذا تصر حكومة الاسد على انكار وجود مشكلة اساسها مطالب الشعب السوري بالحرية ويصور النظام نفسه كمدافع عن الشعب السوري والحرية.
سيناريو المواجهة في سوريا اليوم مطابق تماماً لسيناريو المواجهة التي طبقها النظام السوري في حماة عام 1982 وكأن ما يجري حملة أخرى موسعة كحملة حماة تدرب عليها جيش النظام واستعد لها طويلا.
وبالرغم من الترفع الذي نراه في صفوف الشعب الثورة السورية عن التطرق للبعد الطائفي، الا ان رائحة الحرب الطائفية التي تشن على السنة في سوريا تزكم الانوف وكذلك تحالف النظام مع خصوم السنة في لبنان، ونصرة خصوم السنة في بغداد للنظام السوري ودعم طهران للنظام السوري ضد شعبه كل ذلك يدفعنا للتأمل بحجم وخطر امتداد النفوذ الايراني الطائفي وسيطرته في مراكز القوة العربية ومناطق الانتشار السني وابعاده الباطنية ودور النظام السوري في ذلك.
وقد يكون هذا ما يقلق دول الخليج التي تحيط بها دولة فارس وتعبث في اوضاعها الداخلية.
في سوريا تختلط الحقائق ويلتبس الحق بالباطل احيانا وقد يعلو الباطل الى حين فمن هذا الحمى العريق انقسمت دولة الاسلام عندما علت قوة ودهاء بني امية على حق احفاد النبي فهل يعلو هوى ودهاء النظام الفارسي الجديد وانصاره على حقيقة سوريا العربية وهل في الربيع العربي صحوة تتجاوز الحقائق الباطنية وتجلياتها السياسية.


مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات