الف ومئة مليار .. هل تنقذ الاقتصاد؟
بعد ان خرجت " قمة العشرين " بالاتفاق على تخصيص مبلغ تريليون وعشر التريليون دولار لاجراءات من شأنها معالجة الازمة او انقاذ الاقتصاد العالمي من الضمور بشكل كارثي ، بدأت معظم الاسواق ولو قليلا باستعادة عافيتها بشكل مبشّر الى بداية انفراج للأزمة أو بصيص أمل بذلك ، المجتمعون في هذه القمة يعلمون جيدا بان الاعلام يلعب دورا كبيرا وكبيرا جدا في انجاحها وانه أداة قوية لبث روح التفاؤل من جديد في الاقتصاد المهزوز ، لذا كانوا في تصريحاتهم يبدون روحا كبيرة من التفاؤل والامل ويتحدثون عن سلسلة اجراءات تتوازى للنهوض مجددا بالاقتصاد ، ولكن اجزم بان المجتمعين انفسهم يعلمون جيدا بان هذا الامر يتطلب جهودا كبيرة وجدية في التعاون وان يكون قادة المؤسسات المالية العالمية قد تعلّموا فعلا من اخطائهم ، فالمشكلة ليست بمقدار المبالغ التي يتم تخصيصها وانما المشكلة تكمن هنا في ادارة هذه الازمة ومدى التعلم منها .
لنعود بداية للسبب الرئيسي للازمة ، فقد كان اداريا بحتا ويأخذ شكلا من اشكال الفساد ، فاذا لم تعالج هذه الدول وتقضي على المسببات الرئيسية لهذه الازمة فهي باعتقادي كمن يضع المرهم على جروح لم يقم بتطهيرها اساسا وبالتالي ستعود للالتهاب مرة اخرى وقد يكون الضرر حين ذلك اكبر ، لم تغفل الدول المجتمعة عن ذلك بالطبع ولكنهم يعلمون في صميم قلوبهم مدى صعوبة وتعقد ادارة هذا الامر بنجاح ، فنحن نتحدث عن سلوكيات بشرية يتقدمها الطمع والجشع أدت الى ما أدت اليه .
نصف المبلغ المقدم سيذهب الى صندوق النقد الدولي لتعزيز دوره وتمكينه من تقديم القروض للاقتصاديات المتعثرة ، وما يقارب مئة مليار لتقديم القروض للدول الفقيرة ، وهنا استغرب واتساءل ، الم يكن لصندوق النقد الدولي يد في هذه الازمة ، اليس من المفروض ان يتنبه الصندوق بحكم عمله وخبرته الى هكذا ازمات ، فكيف يتم منحه هذه المبالغ دون على الاقل ايجاد أذرع رقابية كبيرة من كل الدول تشارك الصندوق اليات تنفيذ وتقسيم هذه المبالغ بما يفضي الى معالجة هذه الازمة والخروج من عنق الزجاجة ، وهنا يبرز مفهوم نظام جديد للرقابة المالية العالمية عن طريق مؤسسات رقابية لها اذرع في كل مؤسسة مالية تنشط عالميا ، لتراقب وتقوم اداءها كلما دعت الحاجة لذلك .
نعتقد بان ضخ هذه الاموال والتي يتوقع ان تصل خمسة الاف مليار بحلول العام 2010 ليس وحده الحل ، وانما الحل متلازم بالرقابة والتخطيط السليم لآلية انفاق هذه الاموال وضمان انها ستذهب الى المكان الصحيح لتعمل على تطهير الجروح بدلا اشعال آلامها ، ومن المؤكد ان المجتمعين في قمة العشرين يعلمون ذلك جيدا ، ولكنهم قلقون من مدى نجاعتهم في تحقيقه.
ونعتقد كذلك بان بصيص الامل الحاصل حاليا في الاسواق لن يدوم طويلا ولن يؤتي ثماره اذا ما رافقته عملية الرقابة المالية العالمية في اعلى سلطاتها وخبراتها ، وبتنسيق دائم ودوري وعلى كافة المستويات.