لملك ينسف هواجس التوطين والبديل

يجازف سياسيون ونشطاء بالحديث عن الوطن البديل وتكرار ما تجود به القريحة السياسية الاسرائيلية من خبائث كلما دخل الاردن على منعطف سياسي او مرحلة تاريخية , بوصفه حدثاً يقينياً ومشروعاً قابلاً للتنفيذ ويحظى بالقبول من اوساط سياسية محلية وفلسطينية بل يشيرون همساً الى قبول اوساط رسمية بهذا الحديث والعمل من أجل تحقيقه رغم التصريحات والاحاديث الملكية الواضحة بهذا المجال والتي تؤكد ان فلسطين هي فلسطين والاردن هو الاردن ولا مجال لغير ذلك بل وهدد الملك الاسرائيليين بالعسكر اخر المطاف لتأكيد هذا الامر .
خلال خطابه امام البرلمان الاوروبي قصف الملك بشكل مركز كل مواطن التوطين والعبث بهذا الملف , من خلال حديث واضح قوبل بإعجاب عبرت عنه اكف البرلمانيين الاوربيين بالتصفيق , فالملك اوضح ان الدولة الفلسطينية المستقلة والقابلة للحياة وعاصمتها القدس الشريف هي الحد الادنى المقبول اردنيا , وهذا الحديث ليس موجها للرأي العام المحلي بل الى اعلى سلطة شعبية في اوروبا , مما يعني ان كل احاديث الكفر الوطني الاردني والفلسطيني مرفوضة وغير قابلة للتصرف اردنيا .
ولأن المختبر السياسي الحزبي والشعبي مسكون بالهواجس والريبة ويعمل في بيئه قوامها انحسار الثقه بالاطر الرسمية الى حدود مقلقة، تجد احاديث التوطين والوطن البديل , قبولاً واعادة تعبئة وتوزيع على جماهير الشعب الاردني دون ادخالها في مختبر الواقع السياسي الذي يؤكد بأن هذه الشعارات والطروحات هي للاستهلاك المحلي الاردني بهدف واحد ووحيد , تحريك الفتنه الداخلية في الساحة الاردنية وتحريض بعض العناصر وتأليبها على اخرى كما لا يخلو الحال من تأجيج مشاعر بعض العناصر الفلسطينية للتفكير بحل الوطن البديل وفي الحالين , خلق واقع مأزوم واحداث شروخ في المجتمع الاردني واللعب على غرائز هنا وهناك .
ادخال مقولة او شعار او هدف الوطن البديل في مختبر الحقيقة السياسية علمياً يؤكد ان اسباب طرح الشعار هو ما وصلنا اليه بداية، لان الوطن البديل يعني اعادة هيكلة الاردن بحيث تبرز الهوية الفلسطينية لا الاردنية الاصيلة والوحيدة على هذه الارض ولا الاردنية من اصل فلسطيني ايضا , وتأخذ مواقعها القيادية في مفاصل الدولة المختلفة التنفيذية والتشريعية والقضائية والامنية بحيث يشعر الفلسطينيون بأنهم يعيشون في دولتهم او السعي الى تحقيق تقاسم في هذه المواقع كما هو طرح انصار المحاصصة بوعي او تحت تأثير الحاجه واللحظة.
وبالتناوب فإن حدود هذه الدولة الناشئة عن الوطن البديل ستتكاتف مع حدود اسرائيل وبطول 670 كلم ولنا ان نتصور الواقع الناشئ عن هذا التكاتف فالتيار التوطيني وانصار المحاصصة لا يمثلون بأعلى النسب 10% من الفلسطينين وفي اسوأ الاحوال فان 78% من الفلسطينين هم لاجئون لاتعبر عن امالهم واحلامهم حتى الدولة الفلسطينية على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشريف .
وبالتالي فان الاحتمالية الاعلى هو توليد خلايا وفصائل مسلحة على حدود اسرائيل متكاتفة ومتحالفة مع اصحاب الهوية المسلوبة ومسلحة على غرار حزب الله او اقل على اسوأ الاحوال فهل يمكن لاسرائيل ان تقبل بوضع كهذا على حدود ممتدة من ام قيس الى العقبة فهي غير قابلة بقطاع غزة وجنوب لبنان على شدة ضيق المساحة المفتوحة مع اسرائيل .
سيخرج بعض تجار الترويج لهذه البضاعة الفاسدة والمعاد تعبئتها بالقول ان معاهدة سلام ودولة منزوعه السلاح تحقق الغاية وتفي بالغرض، والجواب هل نجحت اي معاهدة سلام مع اسرائيل في تهيأة مناخ شعبي او اقتصادي مقبول والاهم ان اسرائيل تدرك جيداً ومن الواقع المعاش عربياً بأنها قد تنجح في عقد تهدئة او هدنة لكنها لن تحظى بسلام ابداً ولذا يجب علينا مراجعة الشعار جيداً والثقة بأن الفلسطينين والاردنيين واعون جداً للخبائث المطروحة ولا يمكن التفريط بذرة من ثرى الاردن وفلسطين طال الزمن ام قصر. ( الدستور )