المديونية..أرقام مهينة..من المسؤول؟ .

ثمة سلوك نفسي متعمَّد في الحديث عن أرقام الميزانية، ففي بعض الأحيان تراهم يذكرون الرقم بالدينار ليظهر المأزق أقلّ حدّةً، وفي أحيان أخرى يذكرونه بالدولار وعندها تظهر الأزمة بوجهها الحقيقي.
مديونيتنا كبيرة وتسارع تضخمها المذهل يشعرنا بالإهانة، فالرقم اقترب من العشرين مليار دولار أو قُل أربعة عشر مليار دينار أردني.
هناك ملاحظتان على هذا الرقم الفاجر للميزانية، أولهما أنّ المديونية تراكمت سريعا فقط خلال عقد من الزمن، وحتى نكون أكثر دقة "فثلثي الميزانية" جاءت في السنوات العشر الأخيرة.
الملاحظة الثانية أنّ تراكم المديونية غير المفهوم جاء مصاحبا لبيع مجموعة من الأصول المحلية (فوسفات، بوتاس، خدمات الكهرباء والماء والاتصالات والمواصلات والخ..)، وقد سيق حينها لتبرير البيع حجج سداد الميزانية.
أين ذهبت المديونية وأين صرفت؟ أسئلة وطنية مشروعة وتحتاج إلى إجابات، لكن تبقى المشكلة في توافر من يملك الإجابة جراءةً ومعلومة.
هذه المديونية التي لم يرَ منها المواطن أبيض ولا أسود، تحتاج إلى وقفة حقيقية وجادة لاستقصاء حقيقة وتفصيلات مصارفها وكم نال الفساد منها.
المديونية في حالتها الأردنية لا يمكن أن تكون إلاّ عنوانا على فشل الإدارة الأردنية في السنوات الأخيرة، نعم لقد فشل كل من أدار البلد، وفشلهم هذه المرة كان قاصما للظهر مستورا في تفصيلاته مفضوحا في عمومياته.
حجم الفساد الذي كشف الستار عنه في الآونة الأخيرة قد يستطيع تقديم تفسير لتراكم المديونية غير المسبوق، فالمال العام تعرّض في سنوات المديونية إلى نهب منظّم وسرقة قانونية لم يشهدها تاريخنا المعاصر.
أين ذهبت المديونية؟ سؤال بات يؤرّقنا، فلم نشهد نهضة في بنيتنا التحتية، بل على العكس ها نحن نراها تهترئ أمامنا دون أن نتمكّن من تدارك ذلك أو تغيير وقائعه.
يا من استدنتم، اخبرونا أين ذهبت الأموال، اخبرونا وقد بعتم أصولنا المحلية ما الذي جرى، إلى من تسرّبت خزينة أموال الأردنيين، وفي أيّ الجيوب تسكن الآن؟
أغرب الأحداث أن نرى مظاهرات الولاء تطالب بإبقاء الوضع على ما هو عليه، وتظهر كأنّها تدافع عن مرحلة سابقة، وهنا أتساءل، ألا يرى هؤلاء المتظاهرون أنّهم قد تعرّضوا لسرقة تاريخية تحتاج منهم على أقلّ تقدير لهمس واضح.
(السبيل)