النقابات المهنية و الإصلاح
تم نشره الإثنين 23rd نيسان / أبريل 2012 03:35 مساءً

إبراهيم الغرايبة
لا يبدو ثمة حضور مؤثر يمكن ملاحظته للنقابات المهنية في الحراك الإصلاحي الجاري. هذه المظلة الواسعة للطبقات الوسطى وأصحاب المهن والأعمال النبيلة والقيادية في المجتمع، لا يلاحظ لها دور سوى زيادة أجور الأطباء وعلاوات المهندسين.. وشيء قليل من الاحتفال بالإسراء والمعراج، وشتم التطبيع!ومن قبل الحراك، لم يكن للنقابات المهنية دور ملحوظ سوى ما يجيء على الهامش في الإصلاح والتنمية. لم تساعد النقابات المهنية الناس في تحسين حياتهم والارتقاء بها؛ لم يوظف المهندسون (ونسبة المهندسين في الأردن إلى عدد السكان أكثر من كوريا الجنوبية) خبراتهم وما تعلموه في تطوير الاحتياجات الأساسية للحياة وتقليل تكاليفها بموارد متاحة وقليلة التكلفة: من إضاءة وتهوية وتدفئة وتبريد من غير تدخل تقني؛ تطوير وتفعيل الطاقة البديلة، الشمسية والرياح؛ تعليم المجتمعات وتأهيلها لامتلاك المهارات الأساسية واليدوية التي تحسن حياتها؛ الارتقاء بمستوى الحرف والصناعات، النجارة والصيانة والحدادة وحرف البناء، وتطويرها، واستقطاب العمالة الوطنية في هذا المجال وتنظيمها مهنيا واجتماعيا؛ تطوير الزراعة في البلد، سواء في الصناعات والتقنيات الزراعية والغذائية أو وسائل الريّ وإعمار الصحراء والأراضي الوعرة والجبلية، والفكر الزراعي الاقتصادي والاجتماعي بعامة. وربما استخدمت الخبرات والمهارات المهنية في تخفيض مستوى البناء والصيانة والتصميم لأجل تقديمه إلى المشتري بأقل كلفة، بغض النظر عن مستواه وملاءمته.لم تساعد نقابة الأطباء الناس على الارتقاء بالصحة العامة؛ لم تحاول تقليل تكاليف العلاج؛ لم ترشد عمل المستشفيات الخاصة؛ وإلى حد كبير لم تسهم في الإبقاء على أعمال المعالجة والطبابة والتأمين الصحي في إطار إنساني ونبيل، وفي تفعيل التأمين الصحي الشامل، وتطوير الرعاية الصحية. ولعلها شاركت في حالات كثيرة في تحويلها إلى مقاولات فجة. ويلاحظ اليوم أكثر من أي مرحلة سابقة، انحسار الثقة بالأطباء، وتغير النظرة إليهم باعتبارهم فئة نبيلة تساعد الناس.. بل ويطالبك الناس والأصدقاء في المستشفيات الخاصة بمفاوضة الطبيب ومساومته، ثم تدخل صديق (أكثر معرفة منّي بالأطباء) وأجرى اتصالات بأكثر من طبيب ليحصل لي على نصف التكاليف التي اقترحها طبيب آخر.. سوق تشبه بسطات العبدلي، تغص بالمزايدات والمناقصات والاتفاقات التجارية والاحتكارية. لم تساعد النقابات المهنية في إعادة تنظيم الطبقات الوسطى في وعي إصلاحي واجتماعي يساعدها في التشكل حول أولوياتها وأفكارها الأساسية، ولعلها أسهمت في تهميش الطبقة الوسطى، وتحويل العمل السياسي والعام إلى مجاميع جماهيرية تقبل على العمل العام لأجل كسب الحسنات والثواب، أو لدوافع قرابية وعشائرية، وتقودها جماعات من النخب والقادة السياسيين المعزولين عن قاعدة اجتماعية حقيقية.الشعب يريد إصلاح النقابات المهنية. (الغد)