اجذبي زوجك بخمس خطوات!

من أكثر المواضيع والتقارير التي تثير استفزازي شخصيا، تلك المتعلقة بنصائح خبراء للرجال والسيدات، من أجل حياة سعيدة! بالنسبة لي فقد كنت أصادف تلك التقارير والنصائح غالبا على المواقع الالكترونية، وأتعامل معها بسخرية نوعا ما، كما كنت ألتمس العذر لتلك المواقع، للجوئها الاضطراري لنقل أخبار ودراسات واستطلاعات مترجمة عن مجلات تعنى بالأسرة والعلاقات العائلية في الغرب. ألتمس لها العذر بسبب قلة الموارد الإخبارية العربية والمحلية الخاصة بهذه المواضيع من جهة، ولأنها تحرص على جذب القراء المرتاعين والهاربين من عوالم السياسة والحروب وصور الأشلاء المتقطعة والاعتصامات والإضرابات. إلى هنا كان الأمر مقبولا. لكن أن تبدأ صحف كبيرة وإذاعات مسموعة على نطاق واسع، وحتى برامج تلفزيونية متابعة بشكل أو بآخر، بإعادة تقديم تلك المواد والتي نعرف جميعا أنها لا تصلح لمجتمعاتنا ولا لظروفنا أو معطيات العلاقات الأسرية التي تربطنا ببعضنا، فأعتقد أن الأمر صار مزعجا وكسولا ومستهترا بالرأي العام.سيدتي كيف تجذبين زوجك بست خطوات؟ سيدتي هل أنت راضية عن علاقتك الحميمة؟ سيدتي لا ترتدي فستانا أزرق وأنت تنوين فتح نقاش! أيها الرجل تعامل مع زوجتك وكأنك امرأة! ثلاثة أسباب تدفع بالزوج بعيدا عن غرفة الجلوس! ماذا حضرتما في حقيبة رحلة الأحد؟ هذه بعض عناوين من تلك التي أخبركم عنها، وبالتأكيد جميعكم صادفها وتعامل معها بشكل أو بآخر، وهي بالتأكيد عناوين غريبة وغرائبية وبعيدة كل البعد عن عناويننا واهتماماتنا ومتاعبنا الحقيقية. فما بالنا لو دخلنا إلى التفاصيل؟ والله إن العجب العجاب يكمن في التفاصيل تلك! فالنصائح المقدمة وكأنها قادمة من كواكب أخرى، تدعونا إلى التحدث بكلمات معينة والقيام بتصرفات معينة والجلوس والقيام والحركة ورد الفعل بطرق معينة، أعتقد شخصيا لو أننا جربناها هكذا على سبيل التجربة فقط، ستكون النتائج كارثية، في مجتمع ما يزال يتعامل مع خبر إطلاق عم على ابنة أخيه، التي رفضت الزواج بولده، خمسا وثلاثين طلقة، هذا المجتمع تعامل مع الخبر بـ "تس تس تس"! هذا المجتمع الذي يعتبر أن ضرب الزوج لزوجته على "الطالعة والنازلة" مثل "أكل الزبيب". هذا المجتمع الذي تتلذذ كثير من نسائه في ممارسة هواية كشف أعراض وأخطاء و"نواقص" أزواجهن في جلسات قهوة الصباح. هذا المجتمع الذي يعتبر أن حضن الوالدين لبعضهما بعد غياب سفر مثلا عيب، عليهما تأجيله بعد نوم الأولاد. هذا المجتمع الذي يحرص فيه الزوج أن يجلس بعيدا عن زوجته أمام أسرته في اللمات العائلية، حتى لا يكون عرضة للسخرية. هذا المجتمع الذي تستحي فيه الأم أن تقول كلمة حب لزوجها أمام أطفالها. هل يستوي أن تتناقل وسائلنا الإعلامية من أجله، نصائح من الغرب لن تسر القلب، الذي أدماه الكبت والخوف والحياء من أبسط حقوقنا الإنسانية.
أظن أننا غير قاصرين عن القيام بواجباتنا التي تلقيها مسؤولياتنا الاجتماعية نحو المتلقي لأي مادة إعلامية، تقوم وسائلنا بنقلها الأعمى، بدون إعادة تأهيل بما يتناسب مع تفاصيلنا نحن. لماذا لا تقدم هذه الوسائل دراساتها واستطلاعاتها الخاصة القائمة على بنية مجتمعاتنا، بما يكفل لها ولنا كمتلقين ميزة التفاهم المشترك على الأمور، بحيث تكون النصيحة في محلها، وتتناسب الدراسة مع الواقع الذي نعيشه. لا ضير أن تفكر تلك الوسائل بالدخول في تفاصيل العلاقات الأسرية، والاستفادة من تجاربنا الشخصية، والخروج بالتالي بنصائح قريبة من لغتنا، أليفة لعاداتنا، شبيهة بتفاصيلنا، لأنه "كله كوم" والصور المرافقة لتلك التقارير والدراسات المترجمة "كوم"! ( الغد )