هل يقبل الاردنيون تسوية مع الفساد؟

تم نشره الأربعاء 25 نيسان / أبريل 2012 04:06 مساءً
هل يقبل الاردنيون تسوية مع الفساد؟
فهد الخيطان
برز في أوساط الساسة ورجال الحكم، منذ مدة، رأي يقول إن فتح الباب على مصراعيه لمحاكمة المتهمين شعبيا بالفساد سيهوي بمكانة الدولة ورموزها، وبأن مطالب الشارع في هذا الخصوص لن تقف عند حد. ولذلك، دعونا نغلق الملفات ونفتح صفحة جديدة وعفا الله عما مضى، شريطة أن لا يتكرر ما حصل في الماضي.عمليا، انتصر هذا التوجه؛ فقد تكفل مجلس النواب بدفن أبرز الملفات تحت القبة، فيما جرى تجميد ملفات أخرى والقبول بتسويات مالية أحيانا. لن نتخذ موقفا عدائيا مسبقا من هكذا رأي؛ فالدول تلجأ في محطات تاريخية معينة إلى تسويات مؤلمة لتقليل الخسائر ووقف نزف الشعبية الذي سيؤدي في نهاية المطاف إلى انهيار المجتمع قبل الدولة. وفي العديد من المجتمعات التي شهدت تحولات ثورية وديمقراطية عميقة، توافقت الأغلبية على تسويات مع إرث المرحلة السابقة، تم بموجبها العفو عن مسؤولين سابقين تورطوا في أعمال قتل وفساد. ومن أجل المستقبل يمكن أن يتنازل الناس عن الماضي.لكن ذلك كله حدث في سياق عملية إصلاح شاملة. ففي مقابل التنازلات المؤلمة، حظيت الشعوب بأنظمة حكم ديمقراطية وعادلة، واستعاد الناس حقهم في السلطة وتقرير المصير. كما أن تلك التسويات كانت محصلة نقاش وطني علني وشفاف، وليس بصفقات سرية خلف الأبواب المغلقة، ودون أدنى إسناد شعبي. هل سيقبل الأردنيون تسوية مع الفساد "السابق"، ومع الانتهاكات الفظيعة للدستور؟ ربما، لكن موافقة مشروطة دون أدنى شك. وإلا من يضمن أن "لا تعود حليمة لعادتها القديمة" كما يقول المثل الشعبي؟ وكيف لمسؤول قادم أن يرتدع إذا لم ينزل العقاب بسلفه؟ في التاريخ السياسي الأردني شواهد عديدة على تسويات سياسية بين الدولة والمجتمع. الميثاق الوطني كان تسوية بين الدولة والمعارضة انتهت بموجبه حالة العداء؛ صفحت المعارضة عما لحق بها من أذى جراء عقود الأحكام العرفية، وقبلت الدولة بالمعارضين شركاء في الحكم ومؤسساته. بيد أن التسوية الأخيرة التي تمت مع الفساد افتقرت إلى الشروط الواجبة للنجاح والقبول، لأنها ببساطة بدت وكأنها صفقة بين الدولة والمتهمين، وليست تسوية بين الدولة والشعب. هذا ما يجعلنا نشك في قدرة الدولة على تمريرها، أو استعداد الناس لبلعها. لتكن تسوية، لم لا! لكن بالطريقة التي أديرت بها تحولت التسوية إلى صفقة فساد جديدة، ستكون لها تبعات في قادم الأيام. أتمنى أن أكون مخطئا في هذا الاجتهاد، لأن ما نريده هو أن تتعافى الدولة الأردنية وتستعيد مكانتها ومصداقيتها بأي ثمن. على كل حال، لن ننتظر طويلا لنعرف من استفاد حقا من التسوية؛ الدولة أم الفاسدون. (الغد)


مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات