العسكر .. من إنجاز «كادبي» إلى مواجهة الألغام

على عكس المؤسسات العسكرية في العالم الثالث , رسمت العسكرية الأردنية صورة ناصعة البياض والإنجاز على مساحة الجغرافيا الأردنية , قبل ان تنتقل لزرع الأمل والشفاء في العالم والأقطار الشقيقة , بصحبة رئيس التحرير المسؤول الزميل محمد حسن التل , كان فريق “الدستور” على موعد مع منجزات وطنية , صاغتها سواعد أردنية , رفعت اسم الأردن ورايته على خريطة الانجاز .
من البحر الميت جنوبا , حيث رعاية نائب الملك ولي العهد الحسين بن عبدالله الثاني , قامت سواعد العسكر بمساعدة نشميات ونشامى الوطن بإطفاء آخر شاحن لغم يستهدف الافراد والعربات على الارض الاردنية, في قصة رسمتها السواعد قولا وفعلا , ورغم لحظات الأسى التي انتابت الجند على انتهاء المهمة المليئة بالترقب والقلق , إلا أنهم يفيضون سعادة بإنجاز سبقوا فيه عواصم كبرى ودولا متقدمة , بجهد أردني لاقى احترام ودعم العالم كما كشفت حفلة تكريم الداعمين والشركاء من عرب وغرب .
سويعات قبل أن تقلنا الرحلة الى الخالدية ومعسكرات الحسين فيها , الاسم الأغلى والأحلى على قلوب الأردنيين , حيث نمت نبتة الحسين- رحمه الله- برعاية عبد الله الثاني-حماه الله- وأورقت مؤسسات وشركات ترسم بالقليل منجزات تقارب المستحيل , فالوطن قليل الإمكانات الطبيعية والموارد يثبت كل ساعة انه مستودع نهري من الموارد البشرية والكفاءات الوطنية التي تحتاج لأقل القليل كي تنثر الرمال ذهبا , وتلوي عنق الصعاب كما تلوي عنق الحديد والفولاذ , ليطاوعها في الصناعة المبتكرة و التطوير والتحديث .
من عربات مبتكرة الى حطام دبابة اصبحت ناقلة حديثة الى تصفيح سيارات وفحص اسلحة واعادة انتاج قطع الغيار بمواصفات عالمية وكفالة حقيقية , وفرّت على الاردن الكثير رغم حداثة التجربة وصعوبة المهمة , فالتصنيع العسكري يحتاج لسنوات من المراكمة وادارة عائلية , بمعنى الشركات التي تشكل في مجملها متتالية هندسية غير مقطوعة السلاسل , كما هي الأسر البشرية .
في حقول الألغام التزمت الهيئة الوطنية بموعدها المقدس لقلع آخر لغم ورسم البسمة على شفاه الضحايا الذين شاركوا باحتفالية اقتلاع آخر لغم وتدميره , وقبلها قراءة الفاتحة على ارواح من قضوا , مشفوعة بأن الأبناء والأحفاد والآباء لم ينسوا ثأرهم ولن يحيلوا دمهم الى ماء وسراب .
في مركز الملك عبد الله الثاني ومعسكرات الحسين , كان الحديد ليّنا والفولاذ مثل قطع البسكويت المغموس في كأس الشاي , وهو يذعن لسواعد العسكر ومن تقاعد منهم , وبشراكة مع مدنيين , كانت المؤسسة العسكرية حاضنة ابداعهم وآمالهم برؤية ما سهروا من اجله واقعا على الارض .
نجح العسكر كدأبهم بصدقهم مع وطنهم وناسهم وقائدهم فأزالوا آخر الألغام وصنعوا وابتكروا وطوّروا وأعادوا تأهيل الحديد وسقوا الفولاذ , فهل يستلهم السياسيون منهم نصف الإنجاز فقط , ويقلعون عن زرع الألغام في دروب وشوارع العاصمة والمحافظات , ويلتفتون إلى المنجزات ويحاربون السلبيات التي لا ينكرها احد , وينصفون التجربة الاردنية, التي باتت ضحية نكايات وخصومات وأجندات , وتحولت لألغام قابلة للتفجير عن قرب وبعد ؟
هل ننصف بلدا في عيون جيل لا يسمع إلا عن السلبيات , في حين أن صحراء الأردن بجهد العسكر تحولت لمزارع فولاذ وذخائر واشجار ؟
وهل ننصف مؤسسة حافظت على الطهر ولم تتلوث بالسياسة ولا نريد لها أن تتلوث, بل ان تنقل طهرها الى الساسة؟