حكومة جديدة وتحديات صعبة

جميع الرؤساء الذين كلفهم جلالة الملك عبد الله الثاني بتشكيل حكومة جديدة منذ 1999 أي خلال 13 عاماً كانوا يشكلون الحكومة لأول مرة. ويبدو أن الوقت جاء الآن لتكليف رؤساء سابقين مارسوا الحكم، ويمكن تقييم قدراتهم على الإنجاز على ضوء الخبرة العملية توفيراً لخيبات الامل.
الدكتور فايز الطراونة كان رئيس الحكومة التي قامت بدور الجسر بين عهدين، ونجحت في الإشراف على عملية انتقال العرش في ظروف بالغة الحساسية، وبشكل آثار الإعجاب وأكد حكم الدستور واستقرار النظام.
حكومة الطراونة الجديدة ستكون جسراً بين مرحلة راهنة اختلطت فيها الأوراق وبداية مرحلة مأمولة من الوضوح والاستقرار، فلديها التفويض الكامل للتحرك ولكنها لا تملك الوقت الكافي.
إذا كانت الانتخابات العامة ستجري قبل نهاية هذه السنة، فإن لدى الحكومة بضعة أشهر فقط لكي تضع بيانها الوزاري وتحصل على ثقة النواب، وتحسم المواضيع العويصة المعلقة التي بدونها لا تجري الانتخابات، وهي قانون الانتخاب وقانون الهيئة المستقلة المشرفة على الانتخاب وربما قانون المحكمة الدستورية وهي القوانين التي كان يؤمل أن تنجزها الحكومة المستقيلة.
أما المهمات الطموحة والثقيلة التي وردت في كتاب التكليف السامي فهي بوصلة الاتجاه العام للحكومات المتعاقبة، وليس مطلوباً أو ممكناً، تحقيقها كلها خلال الشهور الانتقالية المحدودة، فهي تمثل الرؤية الملكية من أفق واسع.
الطراونة لن يثير عقدة الولاية العامة، فالدستور الأردني واضح في هذا المجال، ويمكن ممارستها كاملة عندما يشكل الرئيس الحكومة لأنه زعيم حزب فاز في الانتخابات، وبالتالي يستمد سلطته من مصدر جميع السلطات، أما الرئيس الذي يقع عليه اختيار جلالة الملك، فإن مصدر سلطته هي شرعية النظام والملك، قبل الثقة التي يمنحها مجلس النواب لجميع الرؤساء وأصبحت تعتبر أمراً مفروغاً منه.
الموضوعات السياسية ليست كل شيء، فهناك تحديات مالية واقتصادية يعرفها الرئيس الجديد جيداً، فهل يحاول تأجيلها كما فعلت الحكومات السابقة، أم يتحرك بسرعة لانقاذ ما يمكن انقاذه.