في عيد التلفزيون الأردني

على مدى سنوات مضت اتيحت لي فرصة الاطلاع على واقع التلفزيون الاردني من الداخل. وهي فرصة تمكنني ـ كما اعتقد ـ من الكتابة عن واقع تلك المؤسسة الرائدة. وعن الكفاءات المتميزة التي تعمل في هذه المؤسسة والتي شكلت على مدى العقود الاخيرة مصدر الخبرات والكفاءات للعديد من المؤسسات الاعلامية العربية وغيرها. والتي كانت السباقة في اقتناء كل ما هو جديد تكنولوجيا، وتقديم كل ما هومتطور اعلاميا وفنيا.
فكانت المحطة الرائدة في المنطقة ككل.
اقول ذلك ليس من باب الانحياز، ولا من قبيل البكاء على الاطلال، وانما من قبيل التاكيد على ان من تولى موقع الريادة يمكنه ان يستردها في اية لحظة فيما اذا توفرت له متطلباتها. مهما بلغ التنافس من مدى. ومهما تعددت المحطات المشابهة . يعزز تلك القناعة وجود ادارة متيمزة، وكادر فني قادر على التعامل مع متطلبات التطوير.          
وهنا لا بد من التاكيد على بعض الثوابت، من بينها ما هو رد على ناقدي المؤسسة، ومنها ما يتعلق بواقع لا بد من التذكير به. من ذلك لا يمكن عقد المقارنة بين التلفزيون الاردني وبين الفضائيات الاخبارية المتخصصة والممولة من قبل دول، ولها موازنات ضخمة توازي موازنات بعض الدول. وانما المقارنة مع محطات مشابهة. ومنها ان المطلوب من التلفزيون الاردني مختلف عما هو مطلوب من تلك المحطات الكبرى. لكنه قريب مما يطلب من محطات تلفزيونية حكومية . 
وفي هذه الحالة فانا متاكد من ان تلفزيوننا الاردني يعتبر احسن حالا وان منتجه الاعلامي اكثر جودة من عدة محطات تابعة لدول غنية، ويتم الانفاق عليها بسخاء.    اما البعد الثاني الذي لا بد من الاشارة اليه فهو الوضع المالي للتلفزيون الاردني، حيث الامكانات المتواضعة جدا، والتي لا تمكنه من تجديد اجهزته، ومن تامين متطلبات الانتاج المرتفعة اصلا. والتي تحول دون دخوله مجالات انتاج تعزز من موقعه بين المحطات الاخرى.
وهي مناسبة لدعوة الحكومة الى دعم المؤسسة لتمكينها من الدخول في مجالات الانتاج الدرامي، وغيره وصولا الى موقع القادر على المنافسة في مجال الاعلام الفضائي. اضافة الى تمكينه من الحفاظ على الكفاءات المتيمزة التي تعمل فضائيات عربية وغيرها على استقطابها.
في بعد آخر لا بد من منح المؤسسة الاستقلالية الادارية التي تمكنها من استقطاب الكفاءات المتميزة. فبدلا من اخضاع المؤسسة لنظام الخدمة المدنية والزامها باجراءات قد تكون تصلح لاية مؤسسة اخرى، لا بد من منحها نظاما خاصا يتيح لها حرية الحركة، دون التخلي عن تقديم الدعم المالي اللازم لها.
وهنا لا بد من الاشارة الى ان نظام الهيكلة الجديد لم يستثن مؤسسة الاذاعة والتلفزيون من احكام نظام الخدمة المدنية وانما الغى نظامها الخاص وساوى بينها وبين اية مؤسسة اخرى خاضعة ل» الخدمة المدنية»، واعتقد ان في ذلك فهما قاصرا لطبيعة عمل المؤسسة ومتطلباتها، ولا بد من التراجع عنه.
بالطبع محطات كثيرة يمكن التوقف عندها في مجال الحديث عن هذه المؤسسة العريقة، والتي تحولت الى بيت خبرة مليء بالكفاءات المتميزة. لكن المجال لا يتسع لكل ما في الذهن من ملاحظات. وبالتالي اكتفي بتقديم التهنئة للزملاء في المؤسسة ادارة واعلاميين وفنيين وغيرهم. وكل عام وهم جميعا بخير. والوطن بالف خير.  ( الرأي )