لماذا مناورات إسرائيل؟!

حتى يتم التأكد من أن هذه المنطقة تندفع بسرعة نحو حرب جديدة ،إنْ هي وقعت فعلاً فإنها ستغير حتماً الكثير من الخرائط السياسية وربما الجغرافية أيضاً، فإنه لابد من النظر إلى هذه المناورات غير المسبوقة التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي في هضبة الجولان السورية المحتلة وأنه لابد من الأخذ في الاعتبار كل عمليات التحشيد هذه التي تجري في منطقة الخليج التي دفعت الأميركيين إلى إظهار المقاتلات الإستراتيجية من طراز «إف22» وللمرة الأولى في صورة الشرق الأوسط الملتهبة.
وخلافاً لما هو سائد لدى البعض فإن هذه المناورات التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي في هضبة الجولان بكل هذه الضخامة ليست لها علاقة مباشرة بتطورات ما يجري في سوريا إذْ أنَّ الإسرائيليين قد حرصوا على ألاّ يقحموا أنفسهم بصورة مباشرة في هذه المسألة وعلى أن يتركوا الأمر لتبادل الأدوار بين روسيا والولايات المتحدة ثم وأنه غير معقول أن تلجأ إسرائيل إلى مناورات عسكرية بكل هذا الحجم وبكل هذه «التكلفة» من قبيل الاستعداد لما قد يجري هذا العام كما جرى في العام الماضي عندما دفع النظام السوري في ذكرى اغتصاب فلسطين ومن قبيل الهروب إلى الأمام من أزمته بإعداد من الشبان الفلسطينيين لاجتياح الأسلاك الشائكة في نقاط التماس مع الجولان ومحاولة الاتجاه إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة.
إنه لا شك في أن الإسرائيليين يخشون من سقوط مفاجئ لنظام الرئيس بشار الأسد إن هو حصل ،وهو قد يحصل في أي لحظة، فإنه سيضعهم أمام تحديات لابد من أن يستعدوا لها منذ الآن لكن هذا لا يستدعي أن تكون هناك كل هذه المناورات العسكرية الهائلة وبخاصة وأنه من  غير معقول أن تفكر إسرائيل وفي أسوأ الاحتمالات أن تلجا إلى أي عمل عسكري مباشر في التعاطي مع أي تطور للأزمة السورية المستفحلة.
ولذلك فإنه لا يمكن النظر إلى هذه المناورات إلاّ على أنها استكمال لعمليات التحشيد العسكري المتواصلة في منطقة الخليج وعلى قدم وساق ،كما يقال، فالإسرائيليون يرون أنهم معنيون بكل كبيرة وصغيرة في هذه المنطقة الحيوية والإستراتيجية والحساسة وهم يرون أن هناك في هذه المنطقة ثلاث قوى هي إيران وتركيا وإسرائيل وان كل هذه القوى محكومة بالمظلة الأميركية.. وأن العرب لا شيء إطلاقاً وأنهم حتى أصغر من صفرٍ في هذه المعادلة المعقدة طالما أن أوضاعهم هي هذه الأوضاع المأساوية.
وكذلك وعندما يكون هناك كل هذا التحشيد العسكري في منطقة الخليج وعندما تكون هناك مناورات «الأسد المتوثب» في المنطقة الأقرب التي تشارك فيها نحو عشرين دولة من بينها بعض دول المنطقة والولايات المتحدة فإنه أمرٌ طبيعي أن تبادر إسرائيل إلى هذه المناورات أولاً لتقول :نحن هنا وثانياً لتُفهم الجميع بأنها شريك أساسي في هذه المنطقة إلى جانب تركيا وإيران وأيضاً تحت المظلة الإسرائيلية وأنها معنية وبصورة رئيسية في كل ما يجري وبما في ذلك ما يجري في سوريا وفي الخليج بلْ في الشرق الأوسط بأسره.
ثم ووفقاً لبعض التقديرات التي قد تكون صحيحة فإنه من غير المستبعد أن تكون إسرائيل قد لجأت إلى هذه المناورات العسكرية بالإضافة إلى كل هذا الذي ذكر آنفاً لاستكمال عمليات الضغط التي تتعرض لها إيران بالنسبة لمشروعها النووي من قبل الغرب والولايات المتحدة وهنا فإنه من المستبعد أن يبادر الإسرائيليون إلى عمل عسكري ضد المنشآت النووية الإيرانية حالياً طالما أن التوقعات تشير إلى أن جهود الإيرانيين على هذا الجانب لم تقترب بعد من اللحظة الخطيرة.(الراي)