«ما بين السطور أعظم!!»

قراءة الكلمات التي في السطور سهلةٌ وميسورة، وإن كانت قراءتها دون الوقوف عند النقاط والتوقف عند الفواصل، ولفظها بالاستفهام أو التعجب أو الأمر أو النهي أو التأوه، أو التألم أو علوّ النبرة أو سهولتها يضعف المعنى المطلوب ويذهب بالمقصود.
هذا إن سلمت القراءة من سوء التفسير، وتحميل الكلام ما لا يحتمل، أو الجهالة والسطحية عند البعض أحياناً. وربما تكون اقلها ضررا.
كتب أحد المعلقين( العالقين بالحقد المسبق) او الجهل المطبق على مقالٍ لي قائلاً كيف تهزأ بالطفايلة وهم كرام اخيار أليس من العيب عليك؟!، وعدت للمقال وأنا أحترم الطفايلة فهم رأس الإصلاح وعموده، أحبهم لوطنيتهم وصدقهم وتآلفهم، فوجدت أنّني ذكرت كلمة “الطُفيليين بضم الطاء” فقلت في نفسي :ـ عظّم الله أجرنا فيك !!!
أمّا موضوعنا قراءة ما بين السطور فتلك قصةٌ أخرى؛ فإنّ المواقف المعتبرة والمقالات القيمة والتصرفات المنظورة من البعض أحوج ما تكون لهذا النوع من القراء والوعاة لأنّ الذي يتركونه بين السطور أكبر بكثير من الذي يكتبونه، وإنّ نباهة قارئ ما بين السطور هي الألزم والأنفع وهي التي تلتقط المقصود والا فيا خيبة الكاتب.
وممّا يترك بين السطور قد يكون كلاماً يسكت عنه ليترك للقارئ الفطن المساحة الأوسع، وبخاصة في ظلّ غياب الحرية والإرادة وروح التضحية.
وقد يكون منه الصمت عند الاستماع، والصمت حينها محيرٌ كذلك وفراغاته واسعة، فقد يكون جهلاً أو تجاهلاً أو مكراً ومخادعة وقد يكون ألماً أو تواضعاً اواستفهاما او تهربا من الاجابة او غير ذلك...
وقد يكون قصة رمزية تجنباً للحرج وخروجاً من التبعات، فنحتاج لقارئ بين السطور، وهذه واحدة فقط:
خرج شابٌ جميل يحمل قلبه الوردي الجميل بين يديه يتحدى الجمهور..قائلا من يملك قلباً أجمل من قلبي هذا؟. وكاد الناس يستسلمون، وهنا ظهر شيخٌ كبير السنّ منحني الظهر يحمل قلبه العجوز المليء بالندب البارزة والشقوق العميقة والفجوات الواسعة، وقال:بل قلبي أجمل من قلبك بكثير ولا أجادل في مظهر قلبك فهو جميل..
وقلبي جميل على ما ترى فيه من(الندب) فهي قطعٌ من قلوب آخرين، قطَعْتُ لهم قطعاً من قلبي فأعطوني قطعاً من قلوبهم لكنّها ليست بالحجم نفسه، وهذه الفجوات والشقوق فتحتها في قلبي لتستوعب حب الآخرين وهي بالانتظار...
فانبهر الناس وتقدم الشاب معترفا بتفوق جمال قلب الشيخ على قلبه وقد اقتطع قطعة من قلبه وناولها للشيخ بعد أن قبل يديه وأعطاه الشيخ ندبةٌ من قلبه، فهل تعانقـــــــــــــــا لا ندري ؟.
إنّ الذين يفتحون قلوبهم بل ويقطعون قطعا منها لمن يستحق و لمن تتقارب قلوبهم ودماؤهم، عملة نادرة والذين يتقنون قراءة ما بين السطور كنزٌ ثمين وعملة نادرة جداً ايضا والا فالامية لم تغادر رغم التفاخر بأننا شعب ليس فيه نسبة للامية تذكر، عسى الله أن يكثر من قارئي ما بين السطور في شعبنا وأمّتنا لتصلح الأجساد بصلاح القلوب وطهارتها وجمالها.
ان ما بين السطور في الخطاب الرسمي المحلي والعر بي والعالمي .وتصريحات السياسيين ومواقفهم وصمتهم ونطقهم وحراكات الشعوب وتفاعلات اوضاع الاحزاب والتنظيمات والتجمعات ما يستدعي التدقيق وقراءة ما بين السطور .
والقلوب أنواعٌ، فيا مقلب القلوب والأبصار ثبّت قلوبنا على دينك .القويم. وعلى الحق المبين.