لأجل مجتمعات مسقلة وفاعلة
تم نشره الإثنين 07 أيّار / مايو 2012 01:17 مساءً

ابراهيم غرايبة
ثمة لبس شديد وأوهام كثيرة تحيط بفكرة الدعوة إلى برامج سياسية واقتصادية لأجل الإصلاح والتجمع السياسي والمشاركة في الانتخابات النيابية، وفي سائر الجدالات الفكرية والسياسية. فهناك من يضع الليبرالية أو العلمانية أو الاشتراكية، أو سائر الفلسفات والأفكار المنظمة والمؤسسة للحياة السياسية والاقتصادية، في مواجهة الإسلام أو العشائرية، برغم أنها مقارنة غير موضوعية، ولا يصح إجراؤها.فالتدين والانتماء العشائري والجغرافي ليست مع أو ضد الضريبة التصاعدية أو المساواة الضريبية بين جميع المواطنين، وليست مع أو ضد الدور الاقتصادي والاجتماعي للدولة، وزيادة أو خفض نسبة الإنفاق على التعليم أو الدفاع أو الصحة؛ فالمواطنون يتقدمون إلى الانتخابات (يفترض) لأجل الوصول تحقيق مجموعة من السياسات والتشريعات يعتقدون أنها تحقق العدالة الاجتماعية والتقدم الاقتصادي والاجتماعي، ومن المؤكد أن جدلا وتنافسا يجري بين الأفكار والطبقات والمصالح حول الرؤى والمواقف المختلفة للمسائل المنظمة لحياة الناس والمؤثرة فيها، مثل الضريبة والإنفاق العام والدور الاقتصادي والاجتماعي للدولة، ومدى وحدود حرية تنظيم السوق ودور الدولة في ذلك. وهي مواقف وخلافات لا علاقة لها بالقرابة أو الدين، ولا يعقل أن ينتخب المواطنون مرشحا فقط لأجل المشاركة في الانتماء العشائري، أو لأنه متدين أو غير متدين.بالطبع، لا يمكن إغفال الروابط القرابية أو الدينية في العمل السياسي وجذب المؤيدين، ولكن ليس باعتبارها غاية لذاتها، ولكن من المؤكد أن يسعى المرشح إلى مخاطبة أقاربه ومن يشاركونه الفكر الاجتماعي والثقافي لتأييده.ولذلك، فإن الجدل حول العشائرية والدين يجب أن يتوقف، تأييدا أو معارضة لوجودهما، لأنهما من الروابط المجتمعية، ولا يحق لغير المجتمعات المحافظة عليهما أو التخلي عنهما. وعلى أي حال، فإنها مسائل وتطورات مرتبطة بأسلوب الحياة والإنتاج والحماية والمستوى الاقتصادي وطبيعة واتجاهات الموارد والمهن والأعمال السائدة، وليست روابط حتمية أو مقدسة، وعدم اعتبارهما روابط بين الناس لا يعني أيضا معاداتهما ولا إلغاءهما، ولكن دورهما يتحول ويتغير من مجال إلى آخر.ولكنا نحتاج بالتأكيد إلى الاتفاق على حدود الدور السياسي للعشائرية والدين، ولا يمكن أيضا إلغاء دورهما، وهما في ذلك مورد إضافي للبرامج والمرشحين والكتل والأحزاب السياسية. فاليساريون يجدون في قيم العدالة الاجتماعية في الإسلام موردا يجتذب المتدينين، والمحافظون واليمينيون يجدون في القيم الاجتماعية والرأسمالية الإسلامية موردا يجتذب المؤيدين، والليبراليون يجدون في قيم الفردية والحرية والانعتاق التي يدعو إليها الدين موردا دينيا، ولكنها (الانتماءات الدينية والقرابية والجغرافية) لا يصح أبدا أن تكون أساسا للانتخاب والتجمع السياسي؛ كيف تساعدنا هذه الروابط والتجمعات في إدارة المال العام والتشريعات والطرق والزراعة والتعليم؟ (الغد)