الأسد «الإنسان»

تم نشره الإثنين 07 أيّار / مايو 2012 01:30 مساءً
الأسد «الإنسان»
حلمي الأسمر

والقصة بدأت أمام جمهور غفير من المشاهدين في السيرك حينما استدار محمد الحلو ليتلقى تصفيق النظارة بعد نمرة ناجحة مع الأسد ( سلطان) .. وفي لحظة خاطفة قفز الأسد على كتفه من الخلف وأنشب مخالبه وأسنانه في ظهره!..

وسقط المدرّب على الأرض ينزف دماً ومن فوقه الأسد الهائج.. واندفع الجمهور والحرّاس يحملون الكراسي، وهجم ابن الحلو على الأسد بقضيب من حديد وتمكن أن يخلص

أباه، ولكن.. بعد فوات الأوان، ومات الأب في المستشفى بعد ذلك بأيام، أما الأسد سلطان فقد انطوى على نفسه في حالة اكتئاب ورفض الطعام، وقرر مدير السيرك نقله إلى حديقة الحيوان باعتباره أسداً شرساً لا يصلح للتدريب، وفي حديقة الحيوان استمر سلطان بإضرابه عن الطعام فقدموا له أنثى لتسري عنه فضربها في قسوة!...وطردها وعاود انطواءه وعزلته واكتئابه، وأخيراً انتابته حالة جنون، فراح يعضّ جسده وهوى على ذيله بأسنانه فقصمه نصفين!.. ثم راح يعضّ ذراعه، الذراع نفسها التي اغتال بها مدرّبه، وراح يأكل منها في وحشية، وظل يأكل من لحمها حتى نزف ومات، واضعاً بذلك خاتمة لقصة ندم من نوع فريد.. ندم حيوان أعجم وملك نبيل من ملوك الغاب عرف معنى-- الــوفـــــاء -- وأصاب منه

حظاً لا يصيبه الآدميون، أسدٌ قاتل أكل يديه الآثمتين، درسٌ بليغ يعطيه حيوان للمسوخ البشرية التي تأكل شعوباً وتقتل ملايين ببرود على الموائد الدبلوماسية وهي تقرع الكؤوس وتتبادل النخب ثم تتخاصر في ضوء الأباجورات الحالمة وترقص على همس الموسيقى وترشف القبلات في سعادة وكأنه لا شيء حدث.

إنني أنحني احتراماً لذلك الأسد الإنسان، بل أظلمه وأسبّه حين أصفه بالإنسانية، كانت آخر كلمة قالها ( الحلو ) وهو يموت ... «أوصيكوا ما حدش يقتل سلطان.. وصية أمانة ما حدش يقتله»

لا أدري كيف حطت هذه الرسالة في بريدي، أحدهم بلغ به الانفعال حدا استل هذه السطور من كتاب المرحوم مصطفى محمود «رأيت الله» فبعث بها لي أمس، ولم أجد بدا من إعادة نشرها، لعل فيها ما يشعر مسوخ البشر ببعض «الحيوانية» النبيلة، ولا اقول الإنسانية المتوحشة!

بالمناسبة، أودع أصدقائي القراء بهذه القصة البليغة، فمنذ سنوات طويلة جدا لم أغب عن هذا المنبر طواعية، أستميحكم عذرا في إجازة لأسبوع، لعلي أستعيد بعضا من توازن ربما افتقدناه جميعا، فإلى لقاء!(الدستور)

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات