إنتاج الزيتون بين الحساسية والتنافسية

يعد شهر ايار الحالي الذي يشهد تفتح ازهار شجرة الزيتون.. موسما ربما يسهم في زيادة امراض الحساسية رغم انه قد يكون الاقل تاثيرا في انتشارها, ما دام الفصل الربيعي يتميز عادة بوجود غبار الطلع الناتج من الزهر النباتي على اختلاف انواعه في الاجواء, ومع ذلك فان مدى كثافة الازهار على اشجار الزيتون وقابليتها لعقد الثمار هي التي تحكم في الوقت ذاته على جودة الموسم الانتاجي من الزيت والمنتجات الاخرى وفقا لتناوب الاحمال الدوري المتعارف عليه بين سنة واخرى.!
من الظلم لهذه الشجرة المباركة ان يتم التركيز على اثار الحساسية التي قد تنتج عنها فقط لا غير, كما فعلت امانة عمان الكبرى قبل حوالي العامين حينما قامت بحملة شعواء على شجر الزيتون المزروع على ارصفة العاصمة وخلعت الاف الاشجار من جذورها حتى مع البلاط الموجود حولها بلا اي مبرر موضوعي, لان مثل هذه الشجرة الدائمة الخضرة صالحة ايضا للزينة بدون ازهار ولا داعي لانفاق مئات الالاف من الدنانير على خلعها, مع تعمد الاساءة الى ثروة زراعية وطنية تقدر الاستثمارات فيها بحوالي مليار دينار ويعتاش منها ما يزيد على ثمانين الف عائلة اردنية من خلال اكثر من عشرين مليون شجرة مزروعة على مساحة تفوق ستمئة الف دونم حسب بيانات الاحصاءات العامة خلال العام الماضي.!
اذا ما تجاوزنا العديد من الاجراءات الخاطئة والقاسية التي طغت على القرار الرسمي في العديد من القطاعات ومن بينها حملة الامانة على الزيتون فان هذا القطاع الزراعي الحيوي يحقق نجاحات تطغى على بعض الحالات الشاذة اتجاهه, واخرها حصول زيت الزيتون الاردني البكر على المركز الاول في مسابقة المعرض الدولي الثالث لتكنولوجيا وصناعة الزيتون "جوتكس 2012م" الذي انعقد قبل ايام في عمان بمشاركة 43 شركة محلية وعربية واجنبية, وهذا ما يثبت القدرة على المنافسة في الاسواق الدولية اذا ما توفرت الرعاية اللازمة لهذه الزراعة الوطنية التي لا تزال بحاجة اليها, بعد ان تم تحقيق الاكتفاء الذاتي من زيت وزيتون المائدة على ارض الواقع.!
قطاع الزيتون الاردني ما زال يعاني من عوائق وتحديات كثيرة اهمها ان نسبة انتاج الدونم الواحد من اشجاره متدنية جدا مقارنة مع المتوسط العالمي, حيث يعود ذلك الى عوامل سوء تنظيم المزارع من حيث المسافة بين الاشجار وتوقيت وطريقة القطاف واساليب النقل النهائية للثمار الى المعاصر, مع عدم توفر العناية الضرورية والخدمة المستمرة من تقليم وتسميد ومكافحة الافات والامراض, بالاضافة الى معاناة المصدرين الاردنيين من منافسة شديدة في تصدير منتجاتهم من الزيت على وجه التحديد بسبب تدني الاسعار العالمية اجمالا بما لا يتناسب مع كلفة انتاجه المحلي وزيادة التكاليف التي لا بد منها من الكهرباء والمياه والمشتقات النفطية وقطاف ونقل ورسوم تراخيص وغيرها, وكذلك تعدد الجهات الرقابية على المعاصر التي لا تقدم في الغالب حلولا واقعية للمشكلات التي تواجهها.!
واقع قطاع الزيتون يتطلب تذليل مختلف العقبات التي تقف في طريق نموه المحلي وتنافسه الدولي, وهذا ما يستلزم السرعة في انشاء مجلس اعلى للزيت والزيتون يشمل كافة الجهات الرقابية على ان يتم منحه الصلاحيات الكاملة للاشراف عليه بعد ان تم قبول الاردن عضوا في مجلسه الدولي, مع اهمية ايجاد مؤسسة لمنح شهادة جودة الزيت كيماويا وحسيا على ضوء متطلبات السوق العالمي, وكذلك ابتكار عبوات التعبئة بمواصفات فنية عالية تضاهي المنتجات الاجنبية الاخرى, وضرورة ابراز اهمية دعم الصناعات التي تعتمد على ثمار الزيتون مثل التخليل والسماد والجفت والاعلاف والصابون التي نستورد منها بعشرات الملايين من الدنانير سنويا!.