الرأي الآخر أم الرأي الأوحد

الأصل أن المعارضة هي الاستثناء، وهي الرأي الآخر، مما يعني أن الرأي الأول هو الرأي الرسمي المعمول به والذي يحتاج للمعارضين للكشف عن عيوبه إن وجدت واستدراكها.
المعارضة ضرورية، وهي جزء من النظام، ولا تعمل الديمقراطية بدون معارضة، ولكن من غير المعقول أن يصبح الجميع معارضين، والرأي الآخر هو الرأي الوحيد الذي يملك فرصة التعبير.
أقول ذلك بمناسبة الإعلان عن مشروع قانون الانتخاب الذي وضعته حكومة مسؤولة، وأرسلته إلى مجلس نواب يفترض أنه يمثل الشعب، ومن حقه أن يقبل المشروع أو يرفضه أو يعدلّه كما يرى مناسباً.
من المفهوم والمتوقع أن يلقى مشروع القانون معارضة من الجهات التي لا تستفيد منه، أو الجهات التي لا تستفيد منه بالقدر الذي تريد، ولكن من غير المفهوم أن لا ُيواجه أي مشروع إلا بالمعارضة، لأن المعارضة أصبحت ثقافة عامة، فلم تعد الرأي الآخر بل تريد أن تصبح الرأي الوحيد.
لنفرض جدلاً أن هذا المشروع اجتاز جميع مراحله الدستورية ووضع موضع التطبيق، فهل كان جميع المرشحين سوف يسقطون أم أن هناك مرشحين سيفوزون ويشكلون مجلس النواب وبالتالي فإن المشروع بشكله الحالي يخدم مصلحتهم كما خدم الصوت الواحد النواب الحاليين.
هناك مستفيدون من مشروع القانون أو أي مشروع آخر، فلماذا لا نسمع سوى المعارضة وكأن كل فئة أو حزب يعتقد أن القانون يحرمه من الفوز. أين المستفيدون من مشروع القانون بصيغته الحالية، ولماذا لا ينبرون للدفاع عنه دفاعاً عن مصالحهم، أم أن ثقافة المعارضة عمت بحيث لا تشمل المتضررين فقط بل تشمل المستفيدين أيضاً.
في الظروف الشاذة الراهنة لم نعد نعارض ما نعتقد أنه خطأ، بل أيضاً ما هو صحيح، فالرأي السائد أن كل شيء غلط ويستوجب المعارضة.
استطلاعات الرأي دلت على أن أكثرية شعبية ساحقة تفضل استقرار نظام الصوت الواحد، ومع ذلك فلا نسمع أو نقرأ تأييدأً لهذا النظام، فهناك حالة كبت لحرية التعبير تصل درجة الإرهاب حتى أن مسيرة سلمية تؤيد الملك والنظام تتعرض للاتهام من قبل أصحاب الأصوات العالية بأنها يجب أن تكون مأجورة!.