ما هو الإرهاب .. إذاً؟
تم نشره السبت 12 أيّار / مايو 2012 04:25 مساءً

محمد خروب
لعل أكثر ما يثير الغضب والاشمئزاز في المجزرة البشعة التي حدثت في دمشق صباح يوم الخميس الماضي هي ردود فعل من يوصفون بالمعارضة السورية، وبخاصة أولئك الذين ينضوون تحت مظلة مجلس أسطنبول، والذين لا يترددون في القول بأن النظام السوري هو مَنْ دبّر هذين الانفجارين..
هنا تصل الأمور إلى مرحلة يصعب القول إنّ ما يدلي به هؤلاء هي وجهة نظر أو رغبة في إيذاء النظام ومماحكته، بل تندرج في إطار السعي الذي لا يتوقف للمضي قدماً في الخيار «العسكري» الذي رأى فيه بعض العرب انه خيار ممتاز فيما ابدى آخرون استعدادهم للتمويل وهناك مَنْ أوعز إلى تجّار الحروب بأن يرسلوا «الفواتير» بعد أن يؤمّنوا البضاعة «للثوار»، ولم تكن سفينة «لطف الله» سوى بروفة على المدى الذي يمضي إليه مَنْ يريدون تدمير سوريا، الدولة والشعب والموقع الاستراتيجي لصالح تحالفات ومعادلات نحسب أن الوقت قد فات على تحقيقها بعد أن تبدّى إفلاسهم السياسي والأخلاقي والميداني عبر قتل الأبرياء، وتدمير الأحياء، واستباحة الحرمات، ثم تحميل النظام مسؤولية التفجيرات.
هنا أيضاً يمكن للمرء أن يرى مدى تهافت حجة هؤلاء ومنطقهم (بافتراض أن هناك أي منطق) فأي نظام هذا الذي «يدبّر» عمليات كهذه في وقت يواجه فيه منذ أكثر من عام جماعات مسلحة بعضها انشق عن الجيش النظامي وغيرها جاء عبر الحدود بغرض «الجهاد» وإقامة دولة الخلافة على أرض الشام وغيرهم ممن تولت أجهزة الاستخبارات الإقليمية والدولية تدريبهم وتمويلهم وتسليحهم وادخالهم عبر الحدود التي كانت طوال اشهر غير «ممسوكة» وخاضعة لعصابات التهريب المعروفة، وخصوصاً تلك التي تعمل على الحدود اللبنانية السورية الطويلة والصعبة والجبلية ولم يكن بروز قرية مثل «مضايا» وجارتها «الزبداني» في الازمة السورية مجرد صدفة بل لأنهما ابرز مراكز التهريب ولهذا سمعنا عن «تحرير الزبداني» التي نهضت بها «جحافل» الجيش السوري «الحر» ثم ما لبثت الامور ان انقلبت وخرج مَن يدّعي ان افراد هذا الجيش قد اضطروا للانسحاب خارج المدينة ولم يقولوا لنا الى اين انسحبوا، بعد ان كانوا على الدوام يزعمون انها محاصرة بالكامل من قبل الجيش النظامي..
ربما يكون من المجدي على هؤلاء ان يكفّوا عن تكرار هذه الاسطوانة المشروخة وان يتوقفوا عند المعاني التي انطوى عليها تصريح رئيس هيئة المراقبين الدوليين الجنرال روبرت موود الذي قال: ان هذا نوع مرعب من العنف الذي لا يحتاجه السوريون. رسالتي واضحة الى جميع الاطراف وخاصة «الخارجية»، أن هذا النوع من العنف لن يحل المشكلة بل سيزيد معاناة الاطفال والنساء وعموم السوريين.. ثم استطرد في حزم لفت انظار الذين شاهدوه: اطالب الجميع بتغيير هذا «الاتجاه»..
ليس في الامر غموض، فالبصمات واضحة واياً كانت الجهة التي تقف خلفها، فان الارهاب يطل الآن برأسه وعلى نحو علني يرسل رسائله الى كل من يهمه الأمر..
فهل هذا ما يراد لسوريا (دعوا عنكم حكاية النظام وغيرها من المبررات المتهافتة)؟ وهل يعتقد الذين يضحكون الآن ويهنئون انفسهم على الضربات «الموجعة» التي وجهوها للنظام (..) ان احداً سيكون في منأى عن ضربات الارهاب الاعمى الذي قد يتحالف اليوم مع هؤلاء، لكنه سيدير لهم ظهره (وغير ظهره) عند اول مفترق، ولكم في سيرة «القاعدة» ومسار تنظيمها منذ ان «كلّفوه» مهمة الجهاد ضد الكفار والملحدين السوفييت.. الدروس والعبر.
أن يغضب «الجنرال موود» (الذي بات هو ورفاقه مجرد شهود زور كما وصفهم العقيد المنشق رياض الاسعد) ولا يغضب بعض العرب وهم يشاهدون هذه الاشلاء البشرية، وهذا الدمار الذي حل بالمنطقة، شيء يدعو للاستغراب، وأن لا يخرج مِن العرب من يندد باعمال اجرامية كهذه، فيما يسارع هؤلاء الى ارسال برقيات الشجب والادانة، لو ان اسرائيلياً جرح او قتل سلوك يستدعي الريبة.. ما بالك أن بعض اجهزة الاعلام العربية التي غادرت مربع المهنية والحياد والموضوعية، تحاول منذ وضوح حجم وبشاعة الجريمة التي ارتكبها الارهابيون في دمشق، إبعاد انظار الناس عن المسألة وخلطها بأحداث «عادية» اخرى تعرف سوريا منذ اربعة عشر شهراً، وما تزال تتوالى فصولاً دموية، لان الذين «يحلمون» برسم خرائط جديدة للمنطقة عبر تدمير سوريا، ما يزالون يصرّون على المضي قدماً في مخططهم الاجرامي وبكل الوسائل والادوات، رغم المؤشرات والدلائل التي تقول أن مشروعهم قد فشل او في طريقه الى ذلك؟
حرّي بالذين يُنظّرون ويجلسون في منصة القضاة ويمنحون شهادات الوطنية ويحتكرون الحقيقة، أن يكونوا اكثر حياء واكثر انسانية، بدل ان يروا في سفك دماء السوريين وسيلة للوصول الى الحكم او للعب ادوار الصغار والادوات في لعبة الامم الدائرة بضراوة الان على سوريا، والتي لن يكون لهم فيها أي دور لاحق مهما قدّموا من خدمات.
المسألة لا تتعلق بنظام او حزب او تيار او طائفة، بقدر ما هي مرتبطة بموقع سوريا وموازين القوى الاقليمية (بأبعادها الدولية) التي يريد البعض تعديلها لصالحه او الرهان على سفك المزيد من دماء السوريين لتقليل الخسائر وتأجيل الاستحقاقات.. ونحسب انهم لن يصيبوا نجاحاً. ( الرأي )
هنا تصل الأمور إلى مرحلة يصعب القول إنّ ما يدلي به هؤلاء هي وجهة نظر أو رغبة في إيذاء النظام ومماحكته، بل تندرج في إطار السعي الذي لا يتوقف للمضي قدماً في الخيار «العسكري» الذي رأى فيه بعض العرب انه خيار ممتاز فيما ابدى آخرون استعدادهم للتمويل وهناك مَنْ أوعز إلى تجّار الحروب بأن يرسلوا «الفواتير» بعد أن يؤمّنوا البضاعة «للثوار»، ولم تكن سفينة «لطف الله» سوى بروفة على المدى الذي يمضي إليه مَنْ يريدون تدمير سوريا، الدولة والشعب والموقع الاستراتيجي لصالح تحالفات ومعادلات نحسب أن الوقت قد فات على تحقيقها بعد أن تبدّى إفلاسهم السياسي والأخلاقي والميداني عبر قتل الأبرياء، وتدمير الأحياء، واستباحة الحرمات، ثم تحميل النظام مسؤولية التفجيرات.
هنا أيضاً يمكن للمرء أن يرى مدى تهافت حجة هؤلاء ومنطقهم (بافتراض أن هناك أي منطق) فأي نظام هذا الذي «يدبّر» عمليات كهذه في وقت يواجه فيه منذ أكثر من عام جماعات مسلحة بعضها انشق عن الجيش النظامي وغيرها جاء عبر الحدود بغرض «الجهاد» وإقامة دولة الخلافة على أرض الشام وغيرهم ممن تولت أجهزة الاستخبارات الإقليمية والدولية تدريبهم وتمويلهم وتسليحهم وادخالهم عبر الحدود التي كانت طوال اشهر غير «ممسوكة» وخاضعة لعصابات التهريب المعروفة، وخصوصاً تلك التي تعمل على الحدود اللبنانية السورية الطويلة والصعبة والجبلية ولم يكن بروز قرية مثل «مضايا» وجارتها «الزبداني» في الازمة السورية مجرد صدفة بل لأنهما ابرز مراكز التهريب ولهذا سمعنا عن «تحرير الزبداني» التي نهضت بها «جحافل» الجيش السوري «الحر» ثم ما لبثت الامور ان انقلبت وخرج مَن يدّعي ان افراد هذا الجيش قد اضطروا للانسحاب خارج المدينة ولم يقولوا لنا الى اين انسحبوا، بعد ان كانوا على الدوام يزعمون انها محاصرة بالكامل من قبل الجيش النظامي..
ربما يكون من المجدي على هؤلاء ان يكفّوا عن تكرار هذه الاسطوانة المشروخة وان يتوقفوا عند المعاني التي انطوى عليها تصريح رئيس هيئة المراقبين الدوليين الجنرال روبرت موود الذي قال: ان هذا نوع مرعب من العنف الذي لا يحتاجه السوريون. رسالتي واضحة الى جميع الاطراف وخاصة «الخارجية»، أن هذا النوع من العنف لن يحل المشكلة بل سيزيد معاناة الاطفال والنساء وعموم السوريين.. ثم استطرد في حزم لفت انظار الذين شاهدوه: اطالب الجميع بتغيير هذا «الاتجاه»..
ليس في الامر غموض، فالبصمات واضحة واياً كانت الجهة التي تقف خلفها، فان الارهاب يطل الآن برأسه وعلى نحو علني يرسل رسائله الى كل من يهمه الأمر..
فهل هذا ما يراد لسوريا (دعوا عنكم حكاية النظام وغيرها من المبررات المتهافتة)؟ وهل يعتقد الذين يضحكون الآن ويهنئون انفسهم على الضربات «الموجعة» التي وجهوها للنظام (..) ان احداً سيكون في منأى عن ضربات الارهاب الاعمى الذي قد يتحالف اليوم مع هؤلاء، لكنه سيدير لهم ظهره (وغير ظهره) عند اول مفترق، ولكم في سيرة «القاعدة» ومسار تنظيمها منذ ان «كلّفوه» مهمة الجهاد ضد الكفار والملحدين السوفييت.. الدروس والعبر.
أن يغضب «الجنرال موود» (الذي بات هو ورفاقه مجرد شهود زور كما وصفهم العقيد المنشق رياض الاسعد) ولا يغضب بعض العرب وهم يشاهدون هذه الاشلاء البشرية، وهذا الدمار الذي حل بالمنطقة، شيء يدعو للاستغراب، وأن لا يخرج مِن العرب من يندد باعمال اجرامية كهذه، فيما يسارع هؤلاء الى ارسال برقيات الشجب والادانة، لو ان اسرائيلياً جرح او قتل سلوك يستدعي الريبة.. ما بالك أن بعض اجهزة الاعلام العربية التي غادرت مربع المهنية والحياد والموضوعية، تحاول منذ وضوح حجم وبشاعة الجريمة التي ارتكبها الارهابيون في دمشق، إبعاد انظار الناس عن المسألة وخلطها بأحداث «عادية» اخرى تعرف سوريا منذ اربعة عشر شهراً، وما تزال تتوالى فصولاً دموية، لان الذين «يحلمون» برسم خرائط جديدة للمنطقة عبر تدمير سوريا، ما يزالون يصرّون على المضي قدماً في مخططهم الاجرامي وبكل الوسائل والادوات، رغم المؤشرات والدلائل التي تقول أن مشروعهم قد فشل او في طريقه الى ذلك؟
حرّي بالذين يُنظّرون ويجلسون في منصة القضاة ويمنحون شهادات الوطنية ويحتكرون الحقيقة، أن يكونوا اكثر حياء واكثر انسانية، بدل ان يروا في سفك دماء السوريين وسيلة للوصول الى الحكم او للعب ادوار الصغار والادوات في لعبة الامم الدائرة بضراوة الان على سوريا، والتي لن يكون لهم فيها أي دور لاحق مهما قدّموا من خدمات.
المسألة لا تتعلق بنظام او حزب او تيار او طائفة، بقدر ما هي مرتبطة بموقع سوريا وموازين القوى الاقليمية (بأبعادها الدولية) التي يريد البعض تعديلها لصالحه او الرهان على سفك المزيد من دماء السوريين لتقليل الخسائر وتأجيل الاستحقاقات.. ونحسب انهم لن يصيبوا نجاحاً. ( الرأي )