الأسعار بنظرية العروس السوداء
تم نشره الأحد 13 أيّار / مايو 2012 01:44 مساءً

رمزي الغزوي
فيما مضى كانت بعض القبائل العربية تخدع عريسها بطريقة ذكية، لا تخطر على بال الشياطين الزُرق، فالعريس المسكين الذي لم يشاهد عروسه، إلا في زفتها، كانوا يزفون إلى جوارها امرأة قبيحة سوداء بشعر منفوش وأسنان تمساحية، وأشداق مائلة وأنف أفطس، ولهذا فما أن تقع عينا العريس على هذا المنظر، ويقارنه بعروسه حتى تحلى بعينه، ويراها كأجمل نساء الكون، ويتحمد الله في سره وجهره أن حظه العاثر لم يقده إلى الزواج بمثل تلك التي بجوار عروسه، والتي كانوا يطلقون عليها: (سوداء عروس). أشفق على حكومتنا التي توعدتنا برفع سعر المحروقات، لا لأن الرفع لن يمس الطبقة الفقيرة، بل لأنها لن تستطيع استخدام حيلة (سوداء عروسة عكسية) في هذه الزفة، أي أنها لن تستطيع أن تقدم لنا شيئاً يجعلنا نستمري ونستعذب رفع سعر المحروقات، مثل أن تضاعف علاوة غلاء المعيشة للموظفين، أو أن تخفض ضريبة المبيعات، أو أن تدعم اللحم البلدي. ربما كان على الحكومة منذ البداية أن تتعلم شجون وفنون بعض أصحاب المطاعم، الذين واجهوا ارتفاع سعر الحمص والفول والطحينية، ليس برفع سعر منتجاتهم فقط، بل عمدوا إلى تكتيك تقليل الكمية شيئا فشيئاً وقلصوا حجم حبة الفلافل بالتدريج، فكلما ارتفع سعر الحمص (كشّت) حبة الفلافل، وانكمشت حتى غدت في بعض المطاعم أصغر من قرص (أسبرين). ولكن إذا كان فات الحكومة أن تتعلم من تكتيك الفلافل، فعليها أن تتعلم من (كيس الشبس)، فهذا الكيس كان يمتلئ برقائق البطاطا، ورغم ارتفاع الأسعار وشياطها، إلا أنه ظل ممتلئاً ومحافظاً على هيبته، ومع هذا لم يتغير سعره، ولكنه يعاني من مشكلة جداً بسيطة، فما أن تفتحه حتى يفشششششششششش في حضرتك كل هوائه وخوائه، ثم ستحتاج إلى مجهر إلكتروني للبحث عن رقائقك اللذيذة. ونظرية (أكل الهوا)، تتلخص في أن تعمد الحكومة على تثبيت سعر (تنكة) البنزين، على ما هو عليه الآن، وبدل أن تزيد السعر كلما دق الكوز بالجرة، وتعكر مزاجنا وترفع ضغطنا، ما عليها إلا أن تقلل الكمية شيئاً فشيئاً، حتى يأتي اليوم الذي لا نعبئ خزانات سياراتنا إلا هواء مضخوخاً، وهذه ليست بمشكلة بحد ذاتها، لأننا معتادون على الهوا: أكلاً وشرباً!. ( الدستور )