الاقتصاد السياسي المريض

تم نشره الأحد 13 أيّار / مايو 2012 04:34 مساءً
الاقتصاد السياسي المريض
د.باسم الطويسي
توضح القرارات الاقتصادية المتوقعة هذه الأيام مدى ارتباط الاقتصاد الوطني بالأجندات الإقليمية والدولية، وأولها قرارات رفع أسعار حزمة من السلع وبعض المشتقات النفطية ورفع تعرفة الكهرباء التي أُجلت أكثر من مرة سابقا، هذه القرارات ربطت باجتماعات صندوق النقد الدولي التي ستلتئم في واشنطن يوم الثلاثاء القادم، حيث سيناقش الملف الاقتصادي الاردني،الخطوات التصحيحية التي اتخذتها المملكة، وهل تؤهلها للحصول على المزيد من الديون التي أخذت تتراكم بشكل كارثي. عين على صندوق النقد الدولي وعين على وعود وأمنيات لمنح إقليمية تأتي في النصف الثاني من العام، بينما تمر التحولات الدولية والإقليمية بسرعة وتعيد تركيب المشهد كل يوم من جديد، ما يجعل القرار الاقتصادي والسياسي مقطوع النفس يبني رؤيته على تحولات يومية وآنية، وهذه أهم أعراض الاقتصاد السياسي المريض. في المقابل حينما تبرر الحكومة قراراتها برفع الاسعارلا تجدي المبررات الاقتصادية مثل أزمة تمويل العجز المتفاقم في الموازنة وزيادة التضخم وعشرات المبررات الاقتصادية أمام حجم الريبة وهواجس الانفجارات الاجتماعية، ليس لسبب أكثر من الإدراك في العمق أنه يطلب من المجتمع الأردني أن يدفع ثمن المشكلات الاقتصادية والفشل والخراب الاقتصادي الذي أتت به أجيال من الحكومات غير الكفؤة وغير المسؤولة، والأصعب من ذلك وفي ضوء الوعي الجديد يبدو الأمر أن الدولة تطلب من المجتمع أن يسدد استحقاقات الفساد وأن يدفع الأموال التي نهبت من جيوب الفقراء الفارغة.  حينما انسحبت الدولة اكتفت بترك كامل المجال العام لقوى السوق وأدواته للتحكم بمصادر استمرار الحياة من سلع وخدمات، ولم يصاحب ذلك تمكين المجتمع من امتلاك أي أدوات حقيقية لردع شهوة السوق للمزيد من النفعية وانتهاز الفرص، وهذا قانون السوق الذي لم نكتشفه نحن. رفع الدعم الحكومي استحقاق سوف يأتي أوانه آجلا ام عاجلا، وهو خيار إصلاحي بالمنظور المتوسط والبعيد، ولكن المصيبة التي تتكرر تتمثل في الانتقائية الإصلاحية في الشأن الاقتصادي، وهذا العارض الثاني من عوارض الاقتصاد السياسي المريض، وفي مقدمة أمثلة الانتقائية ضريبة الدخل المفترض أن تكون المصدر الأغنى للخزانة العامة، فعلى سبيل المثال حقق قطاع البنوك نموا في الأرباح العام الماضي الأصعب اقتصاديا تجاوز 25 %، ما يؤكد بالفعل حجم تأثير لعبة الانتقائية الإصلاحية ، لأن الإصلاح الاقتصادي لعبة سياسية تحتكرها حفنة من أصحاب المصالح وليس الدولة ويدفع ثمنها المجتمع.العارض الثالث من عوارض الاقتصاد السياسي المريض، ثقافة التستر، التي استهلكت سنوات بدون الاعتراف بالمرض، وحينما اعترفت به مؤخرا، ما تزال بدون إرادة لتحمل آلام علاجه وكلفه.أمامنا مثال مكتمل النضوج على ما تفعله الانتقائية الإصلاحية؛ كيف تعمل الإصلاحات الاقتصادية الانتقائية في تحرير الأسواق والتجارة بدون إصلاحات سياسية ومؤسسية ومجتمعية حقيقية، بينما تتآكل الطبقة الوسطى وتتحلل أشكال حياة الكفاف التقليدية نحو الزوال والعدم. وفي كل أزمات ارتفاع الاسعار نلاحظ عجزا مجتمعياعن توفير الحد الأدنى من الردع المجتمعي أمام انتهازية السوق التي تستغل الارتفاع في مصادر الطاقة أو المواد الأولية لإحداث انقلابات اقتصادية واجتماعية، بينما تنشغل الدولة ومؤسساتها بدعاية سياسية بائسة ومفرغة من المضمون أصغت لها القواعد العريضة المهمشة في المرة الأولى وصدقتها، وصدقتها للمرة العاشرة، فهل تصدقها هذه المرة أيضا.  ( الغد )                      


مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات