12حكومة فشلت في الاقتصاد ماذا ستفعل التي بعد الطراونة ؟ .

فشلت 12 حكومة تشكلت ومنذ 1993 في معالجة قضايا اقتصادية مهمة بدءا بمساعدات وتشريعات ومرورا بإيجاد بدائل للطاقة وليس أخيرا مواجهة مبدأ السوق الحر الذي اعتمدته البلاد لغاية الولوج لمنظومة التجارة العالمية، ورافقه توقيع اتفاقيات شراكة أوروبية وأمريكية "وإسرائيلية" وأخرى.
وللإنصاف، فإن أزمة الاقتصاد بدأت في البلاد بعد عام 1991 عندما عاد مئات الآلاف من المغتربين الأردنيين من الخارج، وعوقب الأردن بقطع مساعدات وعد بها مسبقا بسبب موقفه من حرب الخليج الثانية، وتوقفت امدادات النفط من بغداد لنفس السبب، وللتذكير أخضع الأردن في ذلك العام حتى 1999 لبرنامج تصحيح اقتصادي خارجي لخفض الإنفاق العام وبيع مؤسسات القطاع العام ورفع ضريبة المبيعات والرسوم والضرائب وزيادة أسعار ما يزيد عن مئة سلعة بما فيها المشتقات النفطية.
وبعد ذلك العام وبدلا من اجتراح حلول والبحث عن بدائل للمساعدات أو المنح النفطية والأخرى التي تلقاها البلد بأسعار رمزية، فإن الحكومات المتعاقبة راكمت على الوضع ودفعته باتجاه سلبي بسبب عدم وجود قراءة مستقبلية للحال مع تضاعف فاتورة الطاقة بأكثر من 11 مرة منذ 1996.
باختصار، حكومة الدكتور عبدالسلام المجالي في 1993 وجدت بديلا غير مرغوب شعبيا وهو الهروب من الضغط العربي باتجاه الجهة الغربية، فوقعت حكومته في 1994 معاهدة وادي عربة دون الالتفات للملفات الاقتصادية باستثناء اتفاقية المناطق الصناعية المؤهلة التي وقعت مع "إسرائيل" في 1997، وهي متركزة في الحياكة والملبوسات ذات قيمة مضافة متدنية وغير مستندة إلى قانون الميزة النسبية ولم توفر فرص عمل وهي الآن بصدد المراجعة.
حكومة عبد الكريم الكباريتي في 1996 حاولت الخروج من المأزق فطرحت كارثة برفع الدعم عن الخبز وبعض المواد الاساسية، وتبنت حكومته برنامجا للخصخصة الذي أفقد البلد مقدراتها، فبدلا من تحسين الخدمة ورفد الخزينة، حصد المستثمرون الأجانب أرباحا مجزية لشركات اشتروها بأسعار بخسة، غير شبهات الفساد التي رافقت البرنامج ككل.
تلك الخدمات ظهرت جليا في عهد حكومة الدكتور فايز الطراونة في 1998 بعد حوادث تلوث مياه وغذاء، وبيع أنابيب النفط العراقية كخردة، لترحل سريعا.
في حكومة عبد الرؤوف الروابدة بعام 1999 أفاق أهل البلد على تصريحات أطلقها سهوا مسؤول دولي بأن معدل النمو في البلاد بالسالب، بعكس ما كان يؤكد المسؤولون بأنه تعدى 3 في المئة وكانت الدكتورة ريما خلف تحمل حقيبة وزارة التخطيط آنذاك ورحلت بسبب تلك القصة.
حكومة المهندس علي أبو الراغب أصدرت مئات القوانين المؤقتة بين عامي 2000 و 2003 ومعظمها مس الحياة الاجتماعية والاقتصادية فتراكمت معدلات البطالة والفقر، بينما غفلت حكومته عن قوانين مهمة مثل منع الاحتكار وحماية المستهلك والاستثمار وأخرى تتعلق بالصناعة والتجارة كانت ضرورية بعد دخول عضوية الأردن في منظمة التجارة العالمية حيز النفاذ في 2000، فعمت الفوضى الأسواق وانفلتت الاسعار.
حكومتا فيصل الفايز وعدنان بدران واجهت تحديات قبل أن تبدأ بين عامي 2003 و2005، فسجلت الخدمات الصحية والتعليمية والغذائية في البلاد أدنى مستوياتها وشهدت حالات تسمم غذائية ومائية، وتلك الحكومات خضعت لأخرى عملت في الظل ونفذت برامج التصحيح والخصخصة.
في حكومة الدكتور معروف البخيت في 2005، بقيت الأحوال على حالها حتى بدأ الدين العام يتخذ اتجاها صعوديا غير مسبوق من 5 مليارات إلى مضاعفاته حتى اليوم، بعد أن تكهن وزراء مالية بمساعدات لم تأت قط، وأنفق أكثر من نصف مليار دينار ظهر إضافيا في عجز الموازنة.
وفي حكومة نادر الذهبي في 2007 التي طبقت قرار تحرير المشتقات النفطية وربطها عالميا مقابل زيادة على الرواتب بمقدار 50 دينارا، لم تحسب أن سعر نفط البرميل سيتجاوز المئة لأكثر من عام، ولم تتكهن برحيل الرئيس المصري حسني مبارك وأن إمدادات الغاز ستنقطع أكثر من مرة.
أما حكومة سمير الرفاعي في 2009، التي جاءت ببرنامج اقتصادي وطني تضمن قرارات صعبة من رفع الدعم عن السلع إلى فرض ضرائب على قطاعات جديدة لم تستطع أن تكمل المشوار بسبب احتجاجات الشارع.
حكومة البخيت الثانية بقيت عاجزة عن وجود حلول لتفاقم عجز ودين وانقسم فريقها لنصفين الأول يؤيد رفع الدعم عن السلع وآخر يرغب بالتأجيل رغم صعوبة الوضع ورحلت دون قرار.
حكومة عون الخصاونة في 2011 تجاهلت الملف الاقتصادي تماما رغم أنها أمسكت بطرف مهم مرتبط به وهو مكافحة الفساد، لكنها عجزت عن إيجاد حلول ولوحت أكثر من مرة بتنفيذ القرار.
حكومة فايز الطراونة المؤقتة ستجد سهولة في تطبيق القرار كونها سترحل قريبا ولا تحتاج لاحتجاجات تساعد على ذلك، لكنها تغفل أن تلك القرارات يمكن أن تعطل مسيرتها بإنجاز قانون انتخاب وإجرائها خلال العام الحالي فستقف عاجزة عن اختيار السياسة أم الاقتصاد آنذاك لأنها ستفقد التوازن عند أول قرار.
خلاصة القول، بأن الحكومات المتعاقبة فشلت بإيجاد حلول أو استراتيجيات واقعية حقيقية لملفات اقتصاد عالقة وكلها لجأت لحلول سهلة أبرزها الضرائب ورفع الأسعار، فماذا ستفعل الحكومة الجديدة ما بعد الطراونة؟ ( السبيل )