التنمية السياسية... تحتاج لثقافة سياسية
تحاول الحكومات المتتالية في الاردن النهوض بمستوى التنمية السياسية لتصل مستوى الطموح ، ولكن للاسف لا نلمس تقدما ملحوظا في هذا المجال ، بل بالعكس اصبحنا نحس بان وزارة التنمية السياسية ينطوي عملها على عدد من اللقاءات والمؤتمرات هنا وهناك ، وطرح للافكار البناءة ولكن لا متابعة ولا تنفيذ ولا خطط استراتيجية للتنفيذ .
التنمية السياسية بدأت كمشروع وطني اول من نادى به كان جلالة الملك ، ولكن اين وصل هذا المشروع اليوم في ظل تبدل وتغير الحكومات والسادة الوزراء المتعاقبون على هذه الوزارة ، نعتقد بان المشروع ما زال يراوح مكانه للاسف ، ذلك انه لم يشرك فعليا قاعده مهمة واساسية في تبنيه وطرحه وهي مؤسسات التعليم سواء المدارس ام الجامعات ، فالمواطن الاردني يحتاج بداية لثقافة سياسية لا نخطىء ان قلنا بانه يفتقدها في الغالب ، وزرع هذه الثقافة يبدأ من المدارس والجامعات لنصل الى جيل اردني واعي سياسيا ويعرف تماما اهمية المشاركة والتفاعل السياسي ودورها في نهضة الامم وبناء حضاراتها، فاذا ما نزلنا اليوم الى مدارسنا وجامعاتنا وسألنا الطلبة عن رأيهم في التنمية السياسية في الاردن سنصدم بان اغلبهم لا يعرف معنى صحيحا لهذا المصطلح ، ولا يشكل هذا الامر اي اهمية لهم .
فالمناهج التدريسية تكاد تفتقد الى هذه الثقافة وان وجدت فهي موجودة بشكل متواضع لا يساعد على على بناء حتى قاعدة فكرية سياسية ، وهنا نعود الى مدى جدية الحكومات في التعامل مع هذا الموضوع ، فاذا كانت جادة صار لزاما عليها التنسيق مع المؤسسات التعليمية المختلفة لبث افكارها ورؤيتها للتنمية السياسية والحرص على تقييم التغذية العكسية من الطلبة ومدى استيعابهم وتقبلهم لهذه الثقافة ، وهذا الامر يتطلب طبعا توسيع وزيادة الصلاحيات والمخصصات لوزارة التنمية السياسية وزرع اذرع لهذه الوزارة في مختلف المؤسسات والاماكن التعليمية والحرص على اعطاءها مساحة اعلامية كافية لبث افكارها واطروحاتها بطريقة لا تنفر المواطن ليعتقد بان هذه المواضيع شائكة ومعقدة وفي اغلب الحيان يراها غير ضرورية او كمالية لا تمس حياته بشكل مباشر .
التنمية وثقافة التنمية في اي مجتمع مصطلحان متلازمان ، فبدون الثقافة الواعية والمدركة لاهمية التنمية ايا كان نوعها فانك لن تصل الى التنمية وتقطف ثمارها ابدا ، وفي مجتمعنا الاردني نجد المواطن واعي مكتسب بالفطرة للثقافة التنموية ويواضب اذكائها بالتعلم والعلم ، لذا فالتعليم هو الوسيلة الانجع لزرع الثقافة السياسية التي ستفضي بالضرورة الى فكر سياسي مقبول لدى المواطن ، ليعتقد بضرورة ان التنمية السياسية لها دور كبير انجاح التنمية الاقتصادية واي وقادرة على صياغة الحلول لكل المشاكل عن طريق الحوار والمشاركة السياسية .
m_abubaqar@yahoo.com