عام رمادة أردني..!!

تم نشره الإثنين 14 أيّار / مايو 2012 02:24 صباحاً
عام رمادة أردني..!!
موسى الصبيحي

تلتقي حكومة الرئيس الطراونة مع حكومة سلفه الخصاونة في أن كلتيهما تعجّلتا خلق أزمات في البلاد، فالحكومة السابقة أشغلت نفسها والمجتمع بهيكلة القطاع العام وخلقت أزمة كبيرة عاصفة عمّت أرجاء الوطن، وكانت كلفتها باهظة دون فائدة حقيقية، فقط لمجرد أن الوزير المعني، الذي يُفترض أن يُحاسب على مشروعه المأزوم، أصرّ على رأيه واجتهاده دون تقديم حجج مقنعة، ما أوقع الوطن في أزمة فاقمت من أزمة الحكومة التالية التي جاء فيها الوزير نفسه على رأس ذات الوزارة التي خلقت الأزمة، والتي سمعنا شكوى وزير المالية الحالي من كلفتها العالية على الوطن وإثقالها كاهل الموازنة بـ (400) مليون دينار جديدة تساوي خمس عجز الموازنة..!!
أما الحكومة الحالية فإنها قررت الدخول في عش الدبابير، من خلال رفع وشيك للأسعار وهي تقف أمام عجز كبير في الموازنة، غير مسلّحة بأي وقائيات، الأمر الذي سيُلهب جسدها بلسعات قاتلة، ما سيضطرها إلى الخروج من الدوار الرابع بسرعة البرق وقبل أوانها الانتقالي بكثير..!!
مشكلة حكوماتنا أنها كثيراً ما تفشل في ترتيب أولوياتها، وفي تقدير مهماتها، ولذلك نرى كثرة التبديل والتعديل والتغيير في الأشخاص سواء على مستوى الرؤساء أو الوزراء، وعند مقدم كل حكومة جديدة يصطف الناس في طوابير لتقديم التهاني لأعضائها، ثم ما تلبث أن تتخذ قرارات تضرب ما تبقّى من قدرة الشعب على الصمود باسم الإصلاح وعدم ترحيل المشكلات..!!
ومع الأسف فإنّ هذه الحكومات تنسى أن فاقد الشيء لا يعطيه، وأنها مهما ساقت من حجج ومسوّغات لن تكون قادرة على إقناعنا بقرارات تستهدف قوى الصمود المجتمعي الشعبي على تحمّل أعباء الحياة لأنها باختصار لم تُقدّم القدوة والنموذج ولم تبدأ بنفسها، فكيف تستطيع حكومة الطراونة مثلاً إقناعنا بضرورة التقشّف وتحمّل المزيد من رفع الأسعار في الوقت الذي نشاهد فيه كماليات مضحكة في التشكيلة الحكومية ذاتها من مثل وزارة الدولة لشؤون المرأة، فهل يملك الرئيس الطراونة أو أي من أعضاء الطاقم الوزاري القدرة على إقناعنا بأن هذه الوزارة ضرورية وأنها ستقدّم شيئاً ملموساً للمرأة خلال المدة القصيرة القادمة من عمرها والتي قد لا تزيد على أربعة أشهر في أحسن الأحوال..!!!
في عام الرمادة في السنة الثامنة عشرة للهجرة عندما أصاب الجفاف منطقة الحجاز، وأجدبت الأرض حتى صارت سوداء كالرماد، وهلكت الماشية وكثُر الجياع، فرض عمر بن الخطاب رضي الله عنه على نفسه برنامجاً حياتياً تقشفياً قاسياً، وعايش الناس في هذه الأزمة باعتباره المسؤول عنهم ولم يُعفِ أي من أهل بيته من برنامجه التقشفي، كما لم يميّز نفسه أو أحداً من أهله عن سائر الناس، حتى وهم قادرون على التنعم بالعيش الكريم، لكنه آثر أن يشارك عموم الناس ظروفهم وأزمتهم المعيشية حتى تجاوز الناس المحنة بصلابة وإيمان.. فهل تفعل حكوماتنا مثل ذلك حتى تستطيع إقناعنا بقراراتها وإجراءاتها فنتعاطى معها بإيجابية، أم تريد أن تُعمّق شعورنا بأنها إنما تستهدف إفقار المزيد من أبناء الشعب، فيما هي تعيش في بحبوحة ودعة وترف وبذخ..!!
يا رئيس حكومتنا، لقد كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يُدرّب نفسه على رهافة الحس فكان اذا بلغه أن الغلاء قد حل بناحية من النواحي جعل عيشه كعيشهم ويقول: كيف يكونون مني على بال إذا لم يمسّني ما يمسّهم..!!

أما الدرس: فإنّ ما يمْسَسْ الشعب من قرح سيمسَسْ الحكومة قرحٌ مثله، وما من حكومة تفقد شعبيتها حتى تفقد أهليتها.. والدنيا دوائر تكشفها السرائر وتجلوها الضرائر..!!



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات