لماذا كل هذا التأزيم يا إخوان؟!

الاخوان المسلمون في الأردن «اخذتهم العزة بالأثم» وهل يتلبسون في بيانهم الأخير بخرق السفينة حين يرمون النظام كله بحجارتهم بعد ان أوهنوا الحكومات وأزموا اعمالها وسلقوها بالسنة النقد والتكفير والتخوين.. انهم يشربون من البئر ويواصلون رمي الحجارة فيها. ويبدعون في صناعة سياسات التازيم. ويبكون على الحكومات الراحلة بعد ان يطعنوها بل يمعنون في العزاء والتشييع وها هم ينسبون الى الدكتور عون الخصاونة من حرصهم عليه ما لم نراه حين كانوا يمطرونه ببياناتهم التأزيمية وقد فعلوا مثل ذلك مع احمد عبيدات حين كان رئيساً للحكومة وسرّبوا مقاتلين يؤيدونهم خارج الحدود فكان عبيدات ايضاً من ضحاياهم حين كتب الملك الراحل في رسالة الى رئيس الوزراء زيد الرفاعي تظهر ان الاخوان المسلمين قد خدعوه بنواياهم ويقول: «فجأة تتكشف الحقيقة وتبيّن ما كنا نجهله من أمر فقد كان لبعضهم ممن يتواجدون بيننا صلة بأعمال دموية» كان القصد حينها تدخلهم في سوريا وما كان من احداث في الثمانينات..
ما زالت الفتاوى البعيدة عن فقه الواقع وضرورات الدولة تتوالى في لعبة مكشوفة تضع الدولة في الامتحان بين حدي التكفير والتخوين لقد استدار الاخوان المسلمون في بلدنا الآن باتجاه معاداة الدولة بمهاجمتهم النظام بكل ما يعنيه من رأس وامتداد، وراحوا يتفرغون للعمل السياسي بعد ان تركوا رسالة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والاصلاح الذي يبدأ بالفرد ليصل الى الجماعة وما تعهدوا به منذ قدوم فكرتهم وزعيمهم من مصر في الاربعينيات ليضع بين يدي الأمير المؤسس عبدالله رغبتهم في الصلاح والاصلاح ودون ان يتدخلوا في الدولة ونظامها او يعتمدوا الاسلام السياسي بل الدعوة للاسلام.. لقد استبدلوا الضلالة بالهدى وقد لا يعلمون!!
لقد قطعوا مسافة طويلة بين ما بدأوا والى ان نافسوا الدولة واعتبروها «ضُرّة» فإن بنت مدرسة بنوا اخرى وان بنت مستشفى بنوا آخر وراحوا يقيمون اركان دولة في الدولة ليمكنوا من المعارضة.. ويستعدوا للانقضاض بعد ان يضعوا الدولة في الامتحان فتعجز عن الاجابة على اسئلتهم المفتعلة، وما يعلنوه من تكتيك ويخفونه من استراتيجية ونوايا مبيتة..
يطلعون بالبيان الأخير وليتهم لم يفعلوا فقد استفزوا الغالبية الاردنية بعد ان كشفوا عن نواياهم في مواجهة النظام لا الحكومة والانتقال من مصطلح الاصلاح الى البدء في الهدم والتحريض وإلا ما معنى القول: «ان من يحكم هم مجموعة الفساد المشحوذة على النفوذ والقرار واحتكار الهيمنة على موارد البلاد وثرواتها ومؤسسات الوطن. ورهن القرار السياسي. والاقتصادي لمصالح الدول الاستعمارية الكبرى.. الخ.. أي كلام هذا؟ وهل يقبله عاقل.. وكيف للدولة التي احتضنتهم وزودتهم بالشرعية حين طاردتهم انظمة عديدة وحمتهم حين اتهمهم العالم في الكثير من العواصم بالارهاب.. هل هذا جزاء «سنمار»؟
وهل معاناة شعبنا ومحاولات انقاذه هي شكل من اشكال العبث؟ وهل الالحاح الملكي على الاصلاح الذي يهربون منه ويساومون الحكومات المتعاقبة لتأجيله وتعطيله وبالتالي تعطيل الانتخابات الى ان يخرج الدخان الابيض من سوريا وتحسم مراجعهم امر جلوسها على الكراسي في مصر وعندها لكل حادث حديث. فلا يعود الاصلاح مطلوباً وانما تسليم البلاد والعباد الى الفوضى والاحتراب والدخول الى مرحلة عزل الأردن وتاليب المجتمع الدولي عليه وعدم القدرة على الوفاء بالتزاماته وأولها حماية شعبه وتأمينه من الخوف والجوع..
ما يريدونه هو «الصوملة» ان استمروا على نهجهم واطلاق الفتنة من عقالها فقد جرى اختبارهم في حكومة بدران عام 1989 حين شاركوا بخمس حقائب وتدخلوا في الصحافة لمنع نقد ضعف وزرائهم وقد كنت من ضحاياهم حين فصلت من رئاسة تحرير جريدة الشعب لمقالتين كتبتهما عن تدخلهم في بنية الدولة واستهدافها بالتغيير وهما مقالة «خرزة مسبحة يريدون قطع خيطها» ومقالة « في بيتنا خمينية».
وقد ضغطوا على الرئيس بدران ليتدخل في الصحافة لوقف نقد ادائهم واجابهم يومها «أليست هذه حرية التعبير التي تنادون بها؟؟» الفارغة في بيانكم
لا.. لن نشتري هذه البضاعة الكاسدة ولا الشعارات.
ومع قسوة ظروف هذا البلد الذي تزيدونه أزمات. فان المكاسب التي تحققت تدفعنا للدفاع عنها حتى لا تذروها محاولات التفتيت والتحريض ألم يستعجل الملك الاصلاح فكان تغيير الحكومات لإبطائها.. ألم يوجه السادة النواب الى سرعة انجاز القوانين ويربطها بصفات العدالة وتوسيع قاعدة المشاركة.
ألم يتواصل مع شعبه في كل بقعة من الوطن يسمع لهم وينتظرون توجيهاته.. ومن هي قوى الشد العكسي يا ترى ان لم تكن الجماعات التي لا تؤمن بالحرية والمساواة والديمقراطية والعدالة للجميع وحقوق المرأة في مقدمتها ومن هي غير التي تريد ان تعود بنا لعصور خلت من التخلف والاستعداء.. وارضاع الكبير وفتاوى غريبة اخرى..
بيان الاخوان الاخير فيه عقوق للنظام والوطن وفيه استعداء وتاليب وروح انقلابية واستقواء وفيه شماتة ومحاولات تجريد الدولة من اسلحتها وعناصر قوتها وحرمانها من الاحتماء بمؤسساتها التي استمرت فيها كثيرا.. انه بيان هجين يحاول ان يصرف الدولة عن استكمال مشوارها في الاصلاح بتبديد طاقاتها ومحاولات بناء الاقتصاد الوطني الذي يعيش اقسى مراحله..
والسؤال مِنْ مَنْ تدعون ان يسترد الشعب سلطته وقدرته على صناعة حاضره وصياغة مستقبله» ومن الذي يحتل هذه السلطة ويصادر المستقبل؟ وهل بدأتم الخلط لتطالبوا للشعب الاردني بحق تقرير المصير حين اختلطت الالوان نتاج الجرعة الزائدة من تسييس الاسلام فرأيتم وكأننا محتلون وبحاجة الى المقاومة ودحر الاحتلال؟؟
لقد ادمنتم المعارضة واحترفتموها وحققتم رتباً ومراتب وامتيازات فيها واليوم يتستعجلون النزول عن «أُحد» من اجل الغنائم وقد تركتم الاسلام لاعدائه. فقد الهتكم الشعارات التي اغوت كثيرا من مرجعياتكم.. فهل تراجعون انفسكم قبل فوات الاوان وقبل ان ينقلب السحر على الساحر.. فما تدعون اليه من انقلاب وفوضى دونه «خرط القتاد»!!  ( الرأي )