تلك الظهيرة السَّوْداء!

تم نشره الثلاثاء 15 أيّار / مايو 2012 01:26 مساءً
تلك الظهيرة السَّوْداء!
خيري منصور

فيما مضى، ولأعوام وايام كانت فيها فلسطين الاسم الحركي لأمة، والاختبار اليومي لمناعتها وبقائها على قيد التاريخ. وثمة من سموها القضية الام او المركزية، مثلما سموا القدس عاصمة القلب والروح، لكن سرعان ما بدأ العد التنازلي وأصبح كل واحد يتحسس رأسه على طريقة جحا، وردد من امتطوها وهي تنزف من الخاصرتين نحو قصور الرئاسة: ليأت من بعدنا الطوفان. وإذا استمرت متوالية التداعي والتذرر في ثقافة يقال فيها لمن يدفن أباه أو أخاه يسلم رأسك، فإن الخامس عشر من ايار ذات سنة «كبيسة» سيعلن العرب في احدى الصحف الكبرى وبلغة غير عربية النعي الاخير لسيدة فاضلة قضت العمر في أعمال البر والتقوى ودفن الأبناء، وأحصت ايامها بالحصارات والحواجز والخذلان وهي فلسطين التي بلغت من العمر أربعة وستين عاماً.

عندئذ سيظهر أناس من طراز اليوناني ريتسوس ليقولوا.. لا تصدقوهم، فهذه السيدة التي تمشي على عكازين على الشاطىء الشرقي للبحر المتوسط هي أمنا.. أم البحار واليابسة، وشجرة الزيتون المرّة التي استعادت الاسطورة بكامل عافيتها..

لقد لاذت هذه السيدة بناشطين من مختلف القارات، واستغاثت بلغات أخرى بعد أن يئست من الاستغاثة بالعربية.. ولبىّ الاستغاثة نساء ورجال منهم من حولته الجرافات الى لحاء في شجر التين والزيتون ومنهم من طُورِد وعُوقِب لأنه تجرأ على بلوغ الرشد التاريخي والانساني وقال أن اسمها فلسطين ولا شيء آخر، وان شهادة الميلاد قد زوّرَتْ فأصبحت شهادة وفاة.. وأن الجنازة الدولية كانت مجرد مسرحية تراجيدية تحولت الى كوميديا عندما اتضح أن التابوت مليء بالمستوطنين لا بالمواطنين.

هو الخامس عشر من كل الشهور به انتصفت الدراما التي أثقلت القرن العشرين -والذي يسمى القرن الغاشم- بالعار.

فلسطين لم تسقط سهواً من أطلس أو كتاب جغرافيا ولم تمت بحادث سير كما قال واحد من أبهى أبنائها الخالدين محمود درويش، انها فضيحة عصر لم يسلم كائن من عبء دمها سواء بالصمت أو التواطؤ أو النسيان، ما من يوم في التاريخ له مثل هذين الوجهين المتناقضين، وجه مأتمي وآخر زفافي، فيه من يحتفل بذكرى ولادة دولة وفيه من يفتح بيوت العزاء. لكأن التاريخ تاريخان رغم ان الجغرافيا واحدة، وان كانت هذه الجغرافيا قد تحولت الى أرملة، ما دام الأمر الواقع قد بدأ يفرض ثقافته، ويتأقلم معه حتى ضحاياه.

كم تغير الزّمن؟ وكم تغير العرب وكم أصبحت الدّية أقل بأضعاف من استحقاق القتيل.

فيا أهل الفقيدة.. تريثوا قبل الدّفن لأن المفقودين هم أنتم بلا استثناء، أما هي فانها توأم الشمس والوردة والرغيف. (الدستور)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات