المعارضة وتعويم المفهوم

تم نشره الأربعاء 16 أيّار / مايو 2012 05:26 صباحاً
المعارضة وتعويم المفهوم
يسار خصاونة

 
نحمد الله على ما وصلت إليه البشرية من علوم ، ومعارف ، واختراعات مما يسّــر على أبنائها التواصل المباشر بالصوت ، والصورة ، والكلمة المكتوبة ، ومن أسمى أهداف التواصل البشري تبادل المعارف ، والمصالح المشتركة الفردية ، والجماعية ، ولن يتم ذلك دون فهم حقيقي للمصطلحات التي نستخدمها ، فوسيلتنا للتواصل لغة مكتوبة، أو منطوقة ، من هنا أصبحت مسؤوليتنا في حُسن استخدام المصطلح ضرورة نحتاج معها إلى معرفة واسعة بأسرار اللغة ، ومعانيها ، ومصطلحاتها وإلا أصبحت صورة تواصلنا مشوهة كل التشويه ، وليس من السهل في هذا المقال رصد كل ما في هذه اللغة من أسرار ومعانٍ بعد أن كثُـرت في لغة خطاباتنا اليومية مصطلحات كثيرة ، أساء بعضنا استخدامها مما أفقدها من معناها ، وحمّــلها من مفاهيمه الخاطئة، ومعلوماته الناقصة ما لا تتسع حروفها مما يرمي إليه سواء أكان ذلك بحسن نية، أم بسوئها . حتى أصبحنا نعيش في فوضى المصطلح ، وبالتالي وصلنا إلى لغة خطاب هشـّة لا نستطيع معها التواصل الحقيقي البنــّاء .
انتشرت في الفترة الأخيرة مصطلحات أخذت من حضورها اليومي أهمية في الحراك الاجتماعي ، والسياسي ، والاقتصادي ، ومن هذه المصطلحات – الفساد ، الإصلاح ، المعارضة - وغابت في ذات الوقت عن كثير من المهتمين ضرورة فهم المصطلح بأبعاده الحياتية ، والسياسية ، واللغوية الاصطلاحية حتى يتمكنوا من الوصول إلى الهدف الحقيقي من خلال لغة حوار متوازنة واضحة في مفهوم مصطلحها ، لأنه إذا فسُـد التشخيص فسُـد العلاج .
اليوم سأتحدث عن مصطلح واحد فقط ، أخذ من مستخدمينه مذاهب شتى حتى اختلط مفهوم المصطلح مع مفاهيم كثيرة كلها بعيدة ومتناقضة معه ، وهذا المصطلح هو ( المعارضة ) التي أصبحت بمفهوم البعض ( العداوة ) ، فالمعارضة بمفهومها الحقيقي الوحيد ضمن مدلولها السياسي ، والاجتماعي هي اختلاف القيادات الحزبية ، والفكرية ، والشعبية مع بعض سياسات الحكومة بكل أركانها ، القيادية ، والوزارية ، والبرلمانية ، وليس مع جميع سياساتها وإلا كان الأمر يحتاج إلى مصطلح آخر .
يفهم البعض أن المعارضة هي التمترس في الخندق المقابل والمواجه لخندق الحكومة ، وبالتالي فتح النار عليها ، بالسب ، والتجريح ، والنيل من مواقفها أياً كانت هذه المواقف ، وهذا المفهوم الخاطئ أوصلنا إلى نقطة العداء الحقيقي مع الحكومة ، وليس الخصام ، والعتاب ، فمتى بالله عليكم كان الأردني المنتمي لوطنه عدواً لحكومته بأركانها الثلاث ؟؟ ومتى كان وقوفه معها في المواقف الصائبة سُـبّة وعاراً ؟ لكنه معارض لقرارات وسياسات يراها عاجزة عن تحقيق أهداف الأردنيين بكافة فئاتهم السكانية .
إنني أعلنها أمام الجميع ومن مفهوم ما سبق ، بأنني معارض للحكومة في قرارات كثيرة ، ولكنني لن أكون في يوم من الأيام عدواً لها ، وسأبقى أثمن كل خير تقوم به الحكومة بأركانها الثلاث ، وأعارض ما أراه عاجزاً عن تحقيق الهدف ، وبالتالي لن يضيرني إذا مدحتُ مسؤولاً إذا أصاب ، وأعارضه إذا أخطأ فهذا واجبي نحوه ، وحقه مني في ذلت الوقت .
إنني في صف المعارضة من أجل حرية الأردن ، وأمن الأردن ، والعيش الكريم للمواطن الأردني ، وأنا مع الحكومة حين تحقق هذه الأهداف أو بعضها ، وسوف أهتف لها ، ومن أجلها كلما حققت هدفاً نبيلاً نسعى كلنا إليه .
إن السياسي الأردني حين يمدح ويهتف لليهودي المغتصب أرضه يكون خائناً لأمته ووطنه ، وهو حين يمدح الحكومة على خير فعلته ، فهذا واجبه ، ولن يكون متملقاً أو منبطحاً تحت أقدامها .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً ، وقيل له كيف ننصره ظالماً ؟ قال عليه السلام نمنعه من الظلم ، وهذا الكلام هو أول وأوضح صورة لمفهوم المعارضة الفاعلة الحقيقية ، وقد وصلنا إليها قبل أن يرددها الآخرون بعدنا بأكثر من ألف سنة ، وهذه هي المعارضة التي أعمل من خلال مفهومها .



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات