هذا أوان الرؤوس التي أينعت

باسل العكور يستقبلني بحرارة كل مرّة ..يهب من على كرسيه و يتجه نحوي خطوات ( مموسقة ) ..لكنه أول أمس لم يفعل ذلك ..نظر إليّ طويلاً قبل أن يردّ السلام ..تثاقل في الوقوف ..نظرتُ في عينيه ؛ رأيتُ وهناً وكأنها تتحضّر إلى وجبة بكاء ..قال لي وصوته يتهدّج : هل قرأت تقرير مراكز المعاقين ..؟ أدركتُ السبب ..لم أقرأه بعد و لكنني استمعتُ قليلاً وأنا في السيارة إلى ال ( بي بي سي ) ..!! فتح لي جهاز كمبيوتر وحط لي على التقرير ..وقال لي : اقرأ و تعال عشان نفكّر شو لازم نعمل ..!
ليتني لم أقرأ ..ليتني لم أرَ باسلاً هذا اليوم ..لا أصدّق أن كل هذا العذاب يحدث للأطفال المعاقين و هم بين ظهرانينا ..!! يا الله ..مراكز خاصّة تذكّرك بسجن ( أبو غريب ) ..أعلم أن التشبيه قاس جداً ..ولكنه ليس لي فقد سمعته من الناس ..!
استحثّني باسل بالسؤال : إيش لازم نعمل ..؟ فكرنا بأشياء كثيرة ..فكرنا بالاعتصام أما وزارة التنمية ..فكرنا بحملة إعلاميّة طويلة عريضة ..ومن ضمن ما فكرنا به هو الاتصال بوزير التنمية ..طلبه باسل و لكنه خارج التغطيّة ..! كل هذا يحدث في وزارته وهو الله يعلم بظروفه ..!
وجاءت الأخبار تتوالى ..الملك يقوم بجولة على هذه المراكز ..و تنقلب الدنيا فوقاني تحتاني ..ورغم فرحتي العارمة بما فعله الملك و كان أسرع من كل المسؤولين في الوقوف على المشكلة ..إلا أن ذلك لا يمنعني من القول صراحة : هل كان الأمر يحتاج إلى رجل بحجم الملك لكي تصبح القضيّة كبيرة ..؟ لماذا لا يقوم المسؤولون الذين يدّعون بأنهم ( كبار) بمسؤولياتهم ..أين المشرفون و أين المراقبون ..؟ ولماذا يحدث كل هذا العذاب من البداية ..؟؟؟!!
أيها المسؤولون الكبار ..لا تتحولوا إلى آلامٍ فوق آلامنا ..إمّا أن تعتدلوا أو تعتزلوا ..فهذا أوان الرؤوس التي أينعت ..! ( الدستور )