هل يتحقق التغيير في التربية والتعليم؟

الخطط الاردنية لقطاع التربية والتعليم لا تزال قاصرة عن التطور الشامل الذي ينهض بهذه القاعدة الرئيسية في انطلاق المجتمعات الى رحاب التقدم المعاصر, لان التحديات التي تواجهها كثيرة في جميع عناصر العملية التعليمية من الطالب الى المعلم الى المنهاج وحتى البناء المدرسي ذاته, في الوقت الذي يعتبر فيه الميدان التربوي ساحة مفتوحة للتنافس على تحقيق التغيير في معادلة تستهدف بناء الانسان وتهيئة المناخات امامه نحو افاق الابداع والحداثة التي لا تكاد تقف عند حدود في عالم اليوم, واذا كان التوقف يعتبر تراجعا بحد ذاته فكيف يكون الحال مع مشكلات تربوية مزمنة لا تجد حلولا خلاقة لغاية الان.!
اذا ما كان هنالك بصيص امل في نهاية النفق فان المبادرات التعليمية والتربوية التي تتبناها جلالة الملكة رانيا العبدالله يمكن ان تشكل عوامل جوهرية للبناء عليها اذا ما تضافرت جهود القطاعين العام والخاص في خطة تشاركية تعيد للتربية اصولها المبدئية والى التعليم مكانته في رفعة الاردن الذي كان سباقا الى الصدارة فيه حتى زمن ليس بالبعيد, قبل ان تعتري القطاع التربوي التعليمي الاردني عيوب باتت تنخر في اساسه لتحيد به عن اهدافه وتحول مخرجاته الى اعباء يعاني منها المجتمع بدلا من اضافته النوعية.!
سحابة اليوم التي امضتها مجموعة من الصحافيين والاعلاميين والكتاب في للتعرف على ما حققته بعض مبادرات جلالة الملكة رانيا في القطاع التربوي والتعليمي, من "مدرستي" الى تطوير نوعية التعليم واكاديمية تدريب المعلمين وجائزتهم السنوية وتوفير البيئة المدرسية الصحية الامنة والاخذ بيد الايتام, شكلت انطباعا بان البداية واعدة على طريق طويل من اجل التوصل الى التغيير في البيئة التعليمية.!
انجزت المبادرات اعادة تأهيل اكثر من خمسمئة مدرسة حكومية منتشرة في مختلف ربوع الاردن وتدريب اكثر من اربعة الاف معلم ومعلمة على احدث الاسس المتوافقة مع المعايير الدولية, وادخال التقنيات الحديثة واجهزة المعرفة التي تساند المواهب وتصقل الطاقات الطلابية وغير ذلك من مشروعات هادفة الى الارتقاء ببنية التعليم الوطني.!
لكن جلالة الملكة رانيا في ختام اللقاء كشفت بان المشوار لا يزال طويلا وان العملية التربوية في الاردن تحتاج الى اليات متعددة وجهود تشاركية عامة تسير بها في طريقها القويم, بل ان جلالتها لم تتردد في الاعلان عن ضرورة تبني "صحوة تعليمية" تساهم في خلق مهارات ابداعية لدى اجيال المستقبل من خلال تنمية الفكر والموهبة والابتكار والطموح الذي لا يقف عند حدود, لان التعليم ربما يكون اهم معركة وله الاولوية على ما عداه, وانه من الركائز الاساسية في الاصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي لان الوسيلة الى الاصلاح تحددها العقول التي تعتبر ناتج العملية التربوية, مؤكدة جلالتها ان هنالك الكثير مما نعتز به ويدعو الى التفاؤل ليظل النظام التعليمي الاردني في الصدارة دوما.!
ربما يكون مصادفة ان تتزامن زيادة المجموعة الصحافية والاعلامية للاطلاع على المبادرات التربوية لجلالة الملكة رانيا العبدالله مع الاحتفال في اليوم العلمي لكلية العلوم التربوية في الجامعة الاردنية الذي خلص الى ان التحديات التربوية التي يواجهها القطاع التربوي تحتاج الى تضافر العقول التربوية من اجل تشخيصها وعلاجها, ومنها تصاعد حدة العنف المجتمعي وضعف الثقافة الديمقراطية والتراجع في احترام القوانين, مع اهتزاز صورة الدولة وضعف القيم الاخلاقية والمجتمعية والسياسية وفي مواجهة ذلك يظل الدور الفاعل والمؤثر مرهونا بالمؤسسات التربوية والتعليم والتعليم العالي في اعداد الاجيال وتزويدها بالمهارات اللازمة للمبادرة واتخاذ القرارات والحل الابداعي للمعضلات, لاعادة تشكيل الهوية الوطنية الجامعة من خلال ثقافة الحوار الديمقراطي واحترام الآخر.! . ( العرب اليوم )