البحث عن حلول بديلة

كانت حكومة سابقة قد أعلنت أنها لن ترفع الأسعار إلا بعد أن تستنفد كل الحلول البديلة الأخرى. وقد مضت تلك الحكومة قبل أن تستنفد دراسة الحلول البديلة ، وبقي القديم على قدمه ، واستمر العيب في التضخم وكذلك البحث عن أفكار تحول دون الحل الصحيح.
الحكومة الجديدة ألمحت إلى نيتها القيام بعملية إصلاح محدودة لنظام الدعم الشامل لتخفيف الضغط على الموازنة ، ولو بمستوى 5% من الفجوة المتسعة ، ولتأكيد جدية الأردن في العمل على إصلاح الخلل.
هذه النية أطلقت العنان للمجتهدين في البحث عن حلول بديلة ، هدفها سحب البساط من تحت أقدام عملية الإصلاح المحدودة ، فلماذا ترفع اسعار أحد أصناف البنزين الذين تستهلكه السيارات الفارهة ، وتعرفة الكهرباء على شرائح الاستهلاك العالية طالما أن هناك حلولاً بديلة.
من الحلول البديلة التي اقترحها معارضو إصلاح الدعم ، استرداد أموال الفساد ، زيادة الرسوم على نشاط التعدين ، زيادة التصاعد في ضريبة الدخل بحيث يسهم الأثرياء في تمويل العجز المالي ، دمج أو إلغاء بعض المؤسسات الحكومية المستقلة التي تكلف الخزينة غالياً ، التواصل مع الدول المانحة وخاصة الأشقاء الخليجيين لتقديم مساعدات سخية تسهم في حل المشكلة المالية وتغنينا عن اتخاذ القرارات الصعبة.
هذه الحلول (البديلة) صحيحة ومطلوبة ، ولا تثير الكثير من الخلاف بين أصحابها وبين الحكومة ، فالعمل جار أمام القضاء لاسترداد أية أموال منهوبة ولكنها عندما تسترد لن تذهب إلى الخزينة كإيرادات بل إلى الشركات ذات العلاقة ، وزيادة الرسوم على التعدين مقررة بمجرد انتهاء المهلة المتعاقد عليها التي تنتهي بعد أحد عشر شهراً ، وزيادة ضريبة الدخل على الشركات الرابحة ستكون جزءاً من البيان الوزاري للحكومة ، وعملية الدمج والإلغاء للمؤسسات مقرره في الهيكلة ولكنها تقابل بالاعتصامات المتمسكة بالحقوق المكتسبة والمطالب بزيادتها. وتبذل الجهود على أعلى المستويات للحصول على دعم مالي عربي ، ولكن الأشقاء ليسوا متعجلين وهم يفكرون بدعم تأسيس مشاريع اقتصادية على مدى خمس سنوات.
حتى لو تحققت جميع هذه الحلول البديلة فإنها لا تشكل حلاً ، فالأردن يعيش على مستوى أعلى مما تسمح به موارده المحدودة ، فلا بد من مواجهة المشكلة بصراحة وقبول التضحيات المطلوبة ، وما يسمى حلولاً بديلة قد تصلح لمناكفة الحكومة ، ولكنها لا تغني عن الحل الحقيقي. ( الرأي )