الطريق إلى القبة الثانية!!

اعرف بعضهم ولي صداقات مشتركة مع البعض الاخر ومن لا اعرفه عن قرب اقرأ له منذ اكثر من ثلاثين عاما كالدكتور سليم العوا. وطريق هؤلاء على اختلاف عناوين بيوتهم في احياء القاهرة الى قصر القبة او العروبة يتفاوت طوله من واحد لاخر، لانه لا يقاس الان بالاميال، بل بالاصوات واذا كان من الصعب حتى على مراكز الاستطلاع تحديد من هو الاقرب الى ذلك القصر، الا ان هناك قرائن منها الشعبي ومنها ما هو متعلق بالسيرة الذاتية والسياسية للمرشح، تتيح للمراقب ان يستغرب او يستبعد. وان كان المثل المصري القائل ان الماء يكذب الغطاس اصبح على المحك.
لقد شاهدنا عبر مختلف الشاشات مناظرات بين المرشحين، منها المناظرة المثيرة بين عبدالمنعم ابو الفتوح وعمرو موسى، ولم يدخر احد الطرفين مشهدا او موقفا او رأيا في الطرف الآخر، لكن المناظرات وهي نشاط سياسي حديث العهد في عالمنا العربي، قد لا تحسم الامر في النهاية، لان للناس حسابات اخرى، ونوايا ومواقف مسبقة. رغم ان نسبة من غيروا رأيهم بهذا المرشح او ذاك اقتربت من الثلث في بعض الحالات.
المرشحون للرئاسة سواء كانوا في مصر او غيرها يأخذون كامل زينتهم الجسدية والعقلية في هذا السباق المراثاوني. ويقدمون من الوعود ما هو ممكن التحقيق وما هو متعذر ايضا، لان من يتدفأ على النار عن بعد وهو يقشر الكستناء او يقرأ رواية او يداعب كلبا ليس كمن يغرز أصابعه في جمرها.
وليس استباقا لما سوف تختبره مياه النيل من قدرة الغطاسين. لدينا بضع ملاحظات اولية، منها ان فتح الملفات الشخصية لبعض المرشحين ومنها اصولهم ودرجة اقترابهم من النظام السابق سيلعب دورا في حظوظهم الانتخابية، لان فتح تلك الملفات لم يكن جزافا بل تم بمهارة سايكولوجية، فالدكتور سليم العوا قبل ان يعترف بان جده هاجر من الشام الى مصر هو غير الدكتور العوا بعد هذا الاعتراف.
اما عبدالمنعم ابو الفتوح فرغم استقالته من جماعة الاخوان او حزبهم احتفظ بقدر من الاحتياطي لاسباب انتخابية منها تحييد من يمكن تحييده واسترضاء من يمكن استرضاؤه لان هذه القاعدة العريضة التي افرزت برلمانا حظي فيه الاخوان بالاكثرية لا يستهان بها ازاء اية صناديق اقتراع ومنها صندوق الرئاسة.
اما عمرو موسى فان لديه من الناحية السايكولوجية ايضا وهي ليست خارج السياسة ما يسعى جاهدا لاستثماره. فهو وزير خارجية سابق لمصر قيل ان النظام السابق استبعده ولم تكن الامانة العامة للجامعة سوى اسلوب ذكي لهذا الاستبعاد، وكان الفنان الشعبي شعبان عبدالرحيم قد تطوع لحملة تخص موسى قبل سقوط نظام مبارك وقبل ان يرشح الرجل نفسه للرئاسة لكن هذا البعد الفولكلوري لحملة موسى يحمله عبئا اضافيا بالنسبة للصراع العربي الاسرائيلي وبالتحديد معاهدة كامب ديفيد. وحين حاول مناظرو عمرو موسى احراجه سياسيا لانه قبل بترشيح مبارك عام 2010 ، قال انه اتخذ ذلك الموقف كي لا يرشح جمال مبارك، وبالتالي يحكم مصر ثلاثين عاما!
كان الطريق لعدة عقود الى قصر القبة محكوما بسرعة الدبابة واحيانا بالاستفتاءات الرئاسية كبديل للانتخاب، واذا كان هناك اعراض جانبية لهذه الانتخابات ومنها الفوضى وتغليب الشخصنة في المناظرات على البرامج فهذا امر متوقع بسبب حداثة العهد بالتجربة.
ولا نظن ان المرشحين جميعا متأكدون من الفوز وقد يكون بينهم من استخدم استحقاقه كمواطن او شخصية عامة وليس اكثر من ذلك. ان السباق نحو القبة الثانية والرئاسة بعد قبة البرلمان ثمة من يقطعه على دراجة هوائية وثمة من يقطعه على شاحنة مقابل اخرين يقطعونه مشيا على الاقدام ( الدستور )