الأطراف تتمسك بالإصلاح وعمان محل وعود!

المستقبل في الأطراف، الثروات هناك، وعجز التنمية أيضاً، والسياسة شيء يتناوله الناس كالشاي، لذا تظل الدعوة للإصلاح فيها أكثر سطوعا، وبرغم أنها دعوة وطنية، إلا أن عمان تعيش عليها وتنتظر نهايتها، ومع أن الأطراف لم تتزين بمشاريع تنموية كبيرة إلا أن فيها إصرارا من أبنائها على الإصلاح، وهو يبدو أكثر رسوخا من دعوات نخب عمان، التي فقدت بعضها حضورها عندما اكتشف الناس أنها تدافع عن الإصلاح ومحاربة الفساد، وتشكل هيئات دفاع عن رجال أعمال وشركات طالتها شبه الفساد، وذلك أمر لا يستوعب!.
في الأطراف يرتفع صوت الإصلاح، لا رجال أعمال من بين المنادين به، ولا أعضاء في مؤسسات دولية، فالرحلة في أي اتجاه إلى جهات الوطن، تحمل معها الكثير من الانطباعات والأسئلة. فالمسافة بين مدننا برغم أنها ثابتة، إلا أنها تنمويا مختلفة، فالعلاقة مع عمان صارت سبب تمايز، عوضا عن أن السكن فيها بات أيضا يشكل فرزا اجتماعيا في نظر من يسمونها» العاصمة» وهي تسمية تعكس بعدا وجفاء غير مقبول له أن يستمر، وقد آن الأوان للالتفات للريف والمدن البعيدة.
«أهل عمان» لا يشكون تأخر الإصلاح أو الخدمات، وإنما يشكونه أهل الريف، وما يقوله أهل الريف والمدن الأخرى يشخص الحال، ويعكس نظرة تخفي عتبا على التأخر، وقد تشف التعبيرات عن نقد مخفي ومن ذلك: «في عمان المدرسة بباب الدار» وفي ذلك التعليق وغيره، ما يفسر واقع الحاجات في الأطراف، وهي حاجات تأثرت نوعية خدماتها بفعل تحديات كثيرة في الأطراف وعلى رأسها البطالة والهجرة ونوعية التعليم، وكل ذلك سبب كاف لتكون عمان محل الجذب للمحطة المقبلة من حياة الناس.
لا سؤال في الريف عن الأزمة الاقتصادية، إلا بقدر بقاء قليل من الراتب في الجيب، ولا تخمينات عن انعاكسها على سوق العقار، فالناس من قبل نفضوا جيوبهم للبورصة، ومع ذلك تشهد الأرياف حركة ازدهار في البناء. فيقين الناس أن الأسعار التي تنزل لا تتكرر مرة أخرى.
تعديل الحكومة لا يهم كثيرين في الأطراف، وحين تسألهم عن الحكومة لا تجدهم يهتمون بالثقة التي حصلت عليها أو بإجراءاتها، هناك قوت وعيش وظروف مالية وبطالة يحتاج الناس أن يروا حلولا لها، وسيبقى ذلك ما بقيت الديمقراطية التي أفرزت نوابا لهم يمارسون العلاقة مع قواعدهم من باب التذكر والذكرى فقط، وسيبقى العجز؛ طالما الاستثمار متأخر ولا يفرض عليه إن جاء، دورا تنمويا حقيقاً.
مع ذلك، المستقبل قد يكون أكثر إشراقا في القطرانه وجرش والمفرق والكرك والطفيلة، وستظل قدرة الناس في الأطراف على الصبر؛ طالما الدولة موجودة في خبزهم ومائهم وتلفزيونهم، وهذا ما يعني أن أي شيء من الخصخصة لتلك الأمور يعني نهاية الأمل بالسعادة المنتظرة.
لا يعني أهل عيرا وصمد وجبا ومخيم الطالبية أن تهوي أسعار النفظ، أو من هو أمين عمان أو مدير المصفاة أو رئيس منطقة العقبة أو هيئة الأوراق المالية أو رئيس الجامعة الألمانية مثلاً، بقدر ما يعنيهم من هو محافظ البنك المركزي، ففي ذاكرتهم رجل واحد وهو الرئيس السابق محمد سعيد النابلسي، ومع هذا، وللأسف ستظل عمان محلاً تأتي منه الوعود فقط. ( الدستور )