الآن عرفنا السر وراء كل المصائب!

كنّا دائما نتساءل عن الأسباب التي كانت تؤدي إلى فشل كلّ الاتفاقات حول المصالحة الوطنية بين حركتي فتح وحماس! كنّا نسمع فقط من أبناء الحركتين تساؤلات عن الأسباب الكامنة وراء الفشل، يعقبها تراشق بالاتهامات، دون أن نسمع شيئا من فم الوسيط غير النزيه الذي فرض نفسه على الحركتين وسيطا وحيدا بدلا من وساطة قطر أو سوريا، ولم يتلفّظ أيّ من الحركتين بحرف واحد عن سبب الفشل، إلى أن اتّضحت الصورة فيما بعد، وعرفنا دون مواربة أو شك من هو المسؤول عمّا يجري!
لقد كان رئيس جهاز المخابرات المصرية اللواء عمر سليمان هو المسؤول عن ملف الحوار بين الحركتين ومعه خيال المآتة أحمد أبو الغيط وزير الخارجية المصرية، سواء إن تكلّم أو صمت فلم يكن الرجل موفَّقا في كلّ ما يقول وقد ذهب إلى المجهول غير مأسوف على شبابه.
عرفنا ذلك عندما تقدَّم طرف فلسطيني محايد برئاسة رجل الأعمال صديق القائد المرحوم ياسر عرفات، وهو المهندس منيب المصري، وقد توصّل إلى ورقة وافق عليها الطرفان في محاولة للتقريب بين وجهتي النظر على أن تضاف إلى الورقة المصرية، لكن عمر سليمان وأحمد أبو الغيط رفضا إضافة أيّ شيء إلى الورقة المصرية، وقال عمر سليمان: إمّا الورقة المصرية كما هي، وإمّا لا اتفاق! ومنذ شهور وقّع الطرفان الفلسطينيان على اتفاق في القاهرة وتحاور الجميع حول كيفية التطبيق وسرعته.
وفرح الشعب الفلسطيني بهذا الاتفاق وتحدّث الجميع عن أيام معدودات لتنفيذ الاتفاق، وجنّ جنون "إسرائيل" وأمريكا لهذا الحدث، وحاولا تخريب الاتفاق، ثم حدث شيء ما جعل الطرفين يذهبان إلى قطر ويوقّعان على الاتفاق نفسه الذي وقّعاه في القاهرة، وفي اتفاق الدوحة تنازل الأخ رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل عن تمسّك حركته بأن يحلّ محل د.سلام فياض شخص آخر، ورضي بأن تكون رئاسة الحكومة للأخ محمود عباس بحيث يجمع في يديه زمام أمور رئاسة السلطة ورئاسة الحكومة وقيادة فتح حتى تزول كل العقبات من أمام الوحدة لتتحد كل صفوف الشعب الفلسطيني وتتواصل خطوات المصالحة، ومع هذا صمت الجميع ولم يتقدّموا خطوة واحدة، وعادت الاتصالات من جديد بين محمود عباس والقيادة الإسرائيلية، ومن ورائها الخارجية الأمريكية، وسكتت أحاديث المصالحة رقم (15)، لماذا؟ ومن المسؤول عن إفشالها؟ وهل هي مؤامرة لتعرض شعب فلسطين لمزيد من الصدمات؟
وكثيرٌ ما يراود شعبنا بكل طوائفه سؤال محير:
- هل الاتصال بحكومات "إسرائيل" اليمينية منها واليسارية أسهل عند قيادة سلطتنا الوطنية الفلسطينية من استمرار الاتصال بين فتح وحماس؟
- وهل أسلوب اليهود في الكذب ونقض العهود بات درسا مهما في التفاوض تعلّمناه من بني إسرائيل، وطبّقناه في تحاورنا مع حركة حماس؟
وقبيل أيام عندما خرج اللواء عمر سليمان من وكره ورشّح نفسه لرئاسة الجمهورية في مصر، عاد ليجأر كما عهدناه ويهدد ويتوعّد حماس والإخوان المسلمين، وينفخ في بالون الحقد والكراهية بين طوائف الشعب الفلسطيني، ولم يخرسه إلاّ الآلاف من أبناء مصر الذين هددوه بكل ماضيه الأسود في صحبة الطاغية حسني مبارك، حيث كان مستشاره الأوحد في كل سياساته الإجرامية والخيانية في حق الشعب الفلسطيني وصداقة العدو الإسرائيلي ومؤازرته في معركة الفرقان، فهرب إلى وكره ليختفي من جديد.
ومع هذه الحادثة عرفنا أنّ أتباع عمرو سليمان لا يزالون يعششون في جمهور السلطة، خاصة جهاز المخابرات وأجهزة السلطة الأمنية كلها، ولم يتغيّر منهم أحد ولم يتركوا مواقعهم، ولا يزالون يخططون لتزوير الانتخابات لعلّهم إلى كراسيهم يعودون، لكن هيهات أن يحدث هذا، فالشعب لهم بالمرصاد، وعلى عباس ورفاقه أن ينتظروا طويلا وليبوؤوا جميعا بالخسران! (السبيل)