حكومة انتقالية من نوع خاص

اهتـم الرئيس كثيراً بالوصف الذي أعطي لحكومته بأنها حكومة انتقالية، فحاول تقديم فهمه الخاص لهذه الصفة. البعض يريد أن يفهمها على اعتبار أن الحكومة جاءت لمهمة محددة هي إجراء الانتخابات العامة قبل نهاية السنة، فلا يحق لها اتخاذ قرارات هامة مما يجب أن يترك لحكومة دائمة. أما الرئيس فيفهم هذه الصفة بأنها تعني تحميل الحكومة مهمة الانتقال بالبلد من حالة الركود والخلل وترك الحبل على الغارب إلى حالة الإصلاح السياسي والاقتصادي.
سلوك الحكومة الجديدة وتصريحات الوزراء والبيان الوزاري للحكومة بطلب ثقة مجلس النواب، كلها تدل على أن هذه الحكومة تريد وتحاول أن تنقل البلد من حالة اضطراب وعدم تأكد وتراكم عجوزات مالية واقتصادية، إلى حالة أخرى من الإصلاح السياسي والتصحيح الاقتصادي وتعديل المسار بالاتجاه الصحيح الذي، وإن لم يؤمن شعبية إضافية، إلا أنه يعبـّر عن حكومة مسؤولة تقوم بما يجب عليها أن تقوم به في ظروف صعبة وحساسة.
صحيح أن تنفيذ ما جاء في البيان الوزاري وقبله كتاب التكليف من أهداف سياسية واقتصادية واجتماعية يحتاج لفترة طويلة من العمل الجاد، وهي غير متاحة لهذه الحكومة التي يحسب عمرها بالأشهر وليس بالسنوات، ولكن المهم شق الطريق، وتأكيد حقيقة أن الحكومة تريد أن تقود البلد بالاتجاه الصحيح، لا أن تنقاد لذوي المصالح الخاصة أو الحناجر الرنانة، أو الرضوخ للجهات التي تتحرق شوقاً للقفز إلى السلطة بأي ثمن، أسوة بزملائها في بلدان الربيع العربي.
لا يقاس إنجاز أية حكومة بطول عمرها، فبعض الحكومات العربية ظلت جاثمة على صدور شعوبها لعدة عقود، دون أن تقدم سوى القمع والتخلف والفساد. إنجاز أية حكومة يقاس برؤية واضحة، وبرنامج عمل محدد، وتوقيت مناسب، وتنفيذ صارم في وجه العقبات. والمقياس النهائي هو النتائج، والانتقال من حال غير مرض إلى حال أفضل.
أرجو الا يفهم هذا المقال على أنه غزل بحكومة الطراونة، فالغزل بالحكومات ليس هذا مكانه أو زمانه، هذا المقال تحريض للحكومة للقيام بالمهمات المطلوبة دون تردد، فالمهم ليس حكم الشارع بل حكم التاريخ. ( الرأي )