السياحة..مورد عذب بلا زحام..!

في ثقافتنا ان النفوس تمل وان لا بد من ساعة يخلو بها المرء لنفسه يروح عنها وصب أعباء الحياة ويمتع الروح بعد طول جد وعناء وعسف أقدار لا ترحم أحيانا لذلك جاء في الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وسلم :" روحوا عن القلوب ساعة بعد ساعة , فإن القلوب إذا كلت عميت"...
بقيت السياحة في بلادنا حبرا على ورق ونقصد "الداخلية" واقتصرت في نظر كثيرين على أثرياء أو موسرين من أهل النعمة يجوبون بلاد الدنيا الواسعة بحثا عن راحة البال وإسعاد الذات على بساط من العز والهيلمان ...!
لم تفلح السياسات الرسمية في تحويل السياحة في بلادنا إلى ثقافة عامة والى سلوك اعتيادي تعنى بالاضطلاع على معالم التاريخ والجغرافيا في ربوع بلادنا الثرية بعبق التاريخ والمليئة بغابات الجمال والهواء العليل وما في ذلك من إثراء للذائقة الروحية والفكرية وامتصاص للاحتقانات التي تولدها أعباء متزايدة ونعرف الكثيرين في بلادنا ممن يعرفون عن بلدان العالم اكثر مما يعلمونه عن بلداتهم في رم والطفيلة وجلعاد والطف وجبال عجلون ومناطق اخرى عديدة , ولم تزد السياحة الجماعية في كثير من الأحيان عن رحلات مدرسية يرصف بها التلاميذ في حافلات متعجلة لا يمسكون من خلالها بخيوط الهوية التي تراكمت فوقها رمال كثيرة مما يجعلهم أغرابا في ديارهم لم يلتمسوا كنه حضارات عبرت وماض مليء بالأسرار ...
ان شكاوى الناس تتركز اليوم حول غلاء الأسعار في مجال السياحة الداخلية وتكاليفها الباهظة التي تتطلب موازنات لا يقوى عليها الكثيرون ممن يفضلون الذهاب إلى خارج الأردن "شرم الشيخ مثلا أو تركيا أو بيروت " على الذهاب إلى البحر الميت الذي بقي غريبا عن المواطن الأردني بل عن ابن الشونة الجنوبية الذي يقطن على مسافة قريبة منه ...
ان التكاليف المرتفعة التي تفوق قدرة المواطن للإقامة لمدة يوم أو يومين في بعض المناطق السياحية الجميلة تعتبر عاملا معطلا وطاردا لانبعاث سياحة داخلية نشطة يجد فيها المواطن راحة وسكينة بعيدا عن صخب الحياة ولكن لا حيلة له في الأمر وتبقى هذه حلما بعيد المنال ...
لماذا لا يجري تسويق منتجنا السياحي بأسعار تفضيلية ويستطيع ذوو الدخول المتوسطة من تحملها فقليل دائم خير من كثير منقطع أم ان هذه سياسة تتعمد إقصاء الناس عن ديارهم وفتحها للغرباء وأصحاب الملايين...
في جميع أنحاء الدنيا هناك أفضلية للمواطن ولماذا لا ينسحب هذا الأمر على السياحة لدينا بإعطاء خصومات تشجيعية للمواطنين ولا يجوز ان نبقى أسرى لثقافة "سدر الدار للضيف" ..
وفي هذا الإطار لماذا يحجم المستثمرون في القطاع الخاص عن إقامة مشاريع سياحية في عجلون وفي زي بما يضفي نموا زاهيا على وجه الوطن الجميل لكن الحال حال والكلام كلام...( العرب اليوم )