لماذا يحتج من يحملون الدكتوراة؟

تتوالى احتجاجات من يحملون درجة الدكتوراة في مختلف التخصصات منذ زمن ليس بالقصير, من دون ان تلوح في الافق بوادر لمعالجة المشكلات التي يعانون منها, رغم من ان مؤهلاتهم التي تصنف على انها من المستويات العلمية الرفيعة, يفترض ان تشفع لمن ينالونها بعد جهد جهيد وتكبد نفقات مكلفة في الجامعات المحلية والخارجية, لكي يحصلوا على فرصة تعيين تليق بهم مع رواتب وامتيازات ومواقع قيادية, تتناسب مع مثل هذه الفئة المتقدمة على ما دونها من درجات اخرى في التعليم العالي.
القضايا التي يواجهها حملة الدكتوراة متنوعة ولا تتركز على مسألة واحدة, وربما يكون اهمها هو عدم توفر الشواغر الملائمة لهم في الاجهزة الحكومية المختلفة مع انهم يعتقدون ان الوضع الطبيعي ان يتم استيعابهم فورا في وظائف مهمة هم مؤهلون لها علميا وعمليا, لا ان يواجهوا بالتهميش وعدم الاستماع الى مطالبهم المتمثلة حتى في استحداث هيئة داخل ديوان الخدمة المدنية تعنى بشؤونهم والتنسيق مع الوزارات والدوائر والمؤسسات لاستحداث ما يتوافق مع درجاتهم العالية.!
اما من يشغلون الوظائف الرسمية من بينهم فان معظم الهياكل الادارية لا تعطيهم الوصف الوظيفي الذي يستحقونه, وهذا ما ينعكس سلبا على رواتبهم وامتيازاتهم من حيث ما يعتبرونه عدم تقدير لمؤهلاتهم وخبراتهم, مع ان منحهم مثل هذه الحقوق ستكون له اثاره على تطوير العمل الاداري والفني والخبرات الاستشارية, عوضا عن اللجوء الى جهات خارجية من اجل اجراء الدراسات وغيرها, كما يطالبون بان تكون لهم اولوية في تعبئة شواغر الوظائف القيادية العليا اذا ما اتيحت لهم الفرصة في الجهات التي يعملون فيها او خارجها.!
اعتصامات متواصلة نظمتها اللجنة الممثلة لحملة شهادة الدكتوراة من المتعطلين عن العمل تتساءل في احتجاجاتها عن الاسباب التي تقف وراء عدم توظيفهم ضمن الهيئات التدريسية في الجامعات الرسمية ما دامت الشروط تنطبق عليهم بخاصة في تخصصات قد تكون بأمس الحاجة اليها, اما فيما يتعلق بالجامعات الخاصة فان ما يحز في انفسهم ان يتم تعيين الاساتذة الوافدين على حسابهم, ربما لان هؤلاء يقبلون برواتب متواضعة لا يستطيعون القبول بها لانها متدنية جدا قياسا بالدرجة العلمية التي يحملونها, وكانوا يعتقدون اثناء دراستهم لها ان الابواب ستكون مفتحة امامهم وان المواقع اللائقة بهم ستظل محفوظة ولا تتطلب كل هذه المعاناة التي يواجهونها.!
تشير التقديرات الى ان اعداد حملة درجة الدكتوراة المتعطلين من العمل تبلغ حوالي الخمسمائة وقد لا يشكلون عبئا كبيرا على اجهزة الدولة المختلفة اذا ما توجهت النوايا الصادقة نحو استيعابهم فيها وانهاء معاناتهم على مدار سنين عديدة, ولو ان مشروع اعادة الهيكلة الوظيفية حاول انصافهم في منح العلاوات التي يستحقونها, يساهم ذلك في ارساء معادلة متوازنة تاخذ في العتبار الحاجة الى مؤهلاتهم وخبراتهم في تطوير الادارة العامة التي ما زالت تعاني هي الاخرى من عيوب مزمنة.!(العرب اليوم)