هل استنفدت المسيرات جدواها؟

في الأخبار أن بعض المحافظات شهدت يوم الجمعة الماضية مسيرات ترفض توجه الحكومة لرفع الأسعار، أي أن المشاركين في المسيرات، بصرف النظر عن أعدادهم يريدون أن يستمر دعم البنزين الخاص الذي تستهلكه السيارات الفارهة، ودعم الكهرباء لأصحاب الفلل الذين يستهلكون كميات كبيرة لإضاءة أسوار منازلهم وبرك سباحتهم وأجهزة الإنذار المبكر لحماية ممتلكاتهم.
أفهم أن يقوم بعض الأغنياء بالاحتجاج لأنهم يريدون أن يعيشوا أطول مدة ممكنة على حساب المال العام الذي هو جيوب الناس العاديين، أما أن يضع الفقراء ومحدودو الدخل أنفسهم تحت تصرف الأغنياء، وأن يطلبوا استمرار نزيف المال العام لتمويل جهات لا تحتاج الدعم ولا تستحقه فأمر يثير العجب ويحتاج للتفسير.
أصحاب المسيرات الذين بحت أصواتهم بالهتاف ضد مصلحة الشعب، المتمثلة بضبط العجز والمديونية، مطالبون بتفسير مواقفهم الشاذة، ولماذا يقبلون أن يلعبوا دور مخلب القط لحماية القطط السمان ولو على حساب مديونية متفاقمة تظل معلقة في رقابنا جميعأً نورثها لأجيالنا القادمة.
من الصعب التذرع بالجهل، فالمتظاهرون مسيسون، ويفهمون أن ثلاثة أرباع الدعم يذهب لجهات لا تحتاجه ولا تستحقه، وأن ما تنوي الحكومة فعله هو تعديل بسيط لا يمس بشكل مباشر أصحاب الدخول المحدودة الذين لا يملكون سيارات فارهة ولا يملكون فللاً فخمة، أما ما يقال من أن الصناعة المحلية سترفع اسعارها بسبب ارتفاع كلفة الكهرباء فليس صحيحأً، وقد رفعت الصناعة أسعارها بمقدار ثلاثة أمثال معدل التضخم في ظل ثبات أسعار الكهرباء.
أغلب الظن أنهم يدركون ذلك، ومع ذلك يواصلون المسيرات من قبيل مناكفة الحكومة من جهة، وإثبات الموجودية من جهة أخرى، وربما استفزاز الحكومة ودفعها إلى اتخاذ إجراءات تسمح لهم بإطلاق لقب مناضل على أنفسهم!.
هل يحتاج نشطاء يوم الجمعة من يذكرهم بأن التكرار أصبح مملاً، وأن الاعتصامات أصبحت تثير السخرية وربما النقمة، فالوقت الحالي وقت قبول التضحيات وليس وقت الابتزاز لتحقيق المطالب العادلة وغير العادلة.
( الرأي )