أي اصلاح..

اتمنى ان لا اكون مبالغا في عدم اكتراثي فيما تشهده سورية من كلام عن الاصلاح, بدءا من الدستور مرورا بقانون الاحزاب, وانتهاء بانتخابات مجلس الشعب... ولم استطع حتى الآن هضم كل هذا الكلام عن الاصلاح.
وتذكرنا الاحزاب الجديدة والتعديلات الدستورية والانتخابات التشريعية بما عاشه الاردنيون وبدزينة الاحزاب التي انبثقت مثل الفطر, لا لون ولا طعم ولا رائحة لها اللهم مبادرات جماعة قاسيون والحزب السوري والقومي (خارج الجبهة الوطنية الكرتونية) الحاكمة..
فما يشغلني حقا ليس الاصلاح السياسي, شكليا او حقيقيا بل موضوعات اخرى على رأسها:-
1- ملاحقة الفريق الليبرالي الذي عمق الفساد والنهب منذ سنوات وتطاول على مراسيم تمس مصالح الفلاحين والعمال والقطاع العام, مهما كان بيروقراطيا.
ومثل الليبرالية الفاسدة داخل السلطة, فان الليبرالية السياسية المعارضة التي تدعو الى تفكيك الدولة وفلسفة السوق, هي الوجه الاخر لليبرالية الفاسدة في السلطة..
2- ملاحقة الجيوب اللحدية المسلحة, وجماعات التكفير الارهابية التي تشكل اكبر خطر على النسيج الاجتماعي السوري ووحدته كما تشكل خطرا على وحدة الدولة, وفي المقدمة منها الجيش, الذي تزداد اهميته كما في اي بلد عربي آخر من دوره كصمام امان (خارجي) لوحدة اجتماعية تنقصها الشروط الموضوعية, القادرة على تحويلها من مجاميع طائفية الى مجتمع مدني في الحالة القومية فقط, اي (دولة السوق القومي) على الاقل.
3- ملاحقة الخطاب الطائفي بكل اشكاله واقنعته وادواته.
4- الموقف السياسي الى جانب خطاب وثقافة المقاومة والقادر على التقاط اللحظة السياسية العالمية الحساسة حيث يتشكل العالم من جديد حول القوى الدولية الصاعدة (روسيا- الصين) وبقية دول البريكس).
5- انهاء المراوحة حول الموقف من الصراع العربي- الاسرائيلي والاعلان عن موت كل مبادرات التعايش مع العدو الصهيوني.
6- توسيع وتعميق ثقافة التنوير والنهضة القومية, فالحرب على الجبهة الثقافية لا تقل اهمية عن اية جبهة اخرى.
7- إيلاء اهمية كبرى لمفهوم الكرامة واعتباره خطا احمرا بكل استحقاقاته في المجالات الديمقراطية والاجتماعية.
8- وبالمجمل تحديد اعداء سورية بالجيوب اللحدية الجديدة, وبالجماعات الليبرالية, سواء كانت في الحكم او المعارضة وبالطائفية وجماعات التكفير الارهابية, وكل من يستغل سورية او يحط من كرامته, اضافة للمتورطين في النسخة السورية من العدوان على العراق (امبرياليون ورجعيون وصهاينة..)
9- هذه هي المهام الراهنة امام سورية والسوريين وما عداها من كلام عن الاصلاح لا يستقيم وواقع الحال, مستذكرين دائما ما قاله الدكتور منيف الرزاز بعد هروبه من دمشق عام 1966 عن الدولة القطرية العربية وربط الاصلاح الكبير بانجاز دولة الامة, فالدولة القطرية ايا كانت طبيعة السلطة فيها هي مجاميع من القبائل والطوائف التي تتصارع على الغنائم بذريعة ايديولوجيات هي في الواقع عصبيات قبلية ومذهبية.
(العرب اليوم )