سؤال النهضة .. هل من جديد..؟

تم نشره الجمعة 25 أيّار / مايو 2012 12:53 صباحاً
سؤال النهضة .. هل من جديد..؟
حسين الرواشدة

ما زال سؤال شكيب ارسلان قبل اكثر من مئة سنة حول تخلف العرب وتقدم غيرهم يتردد على ألسنة الناس في عالمنا العربي ، بعضهم احبطته الاجابات المطروحة وادركه اليأس من الاصلاح والتغيير ، وبعضهم ما زال لديه امل -ولو كان مغشوشا - بدورة حضارية جديدة تعيد “الشمس” التي غابت الى بلادنا مرى اخرى.

لدي قناعة بأن امتنا ما تزال بخير ، وان فقدت كثيرا من عافيتها ، وبأن اخراجها من “ازمتها” ما زال ممكنا ، وان كان ذلك بعيدا ، ومصدر هذه القناعة ان “الاجل” لم يدرك امتنا -كما ادرك غيرها - لارتباطها بالرسالة الخاتمة ، وتكليفها بالدعوة والشهادة ، وامتلاكها “للباعث” على الصحة والاستمرار وهو الوحي الذي لا يتعارض مع العقل والوعي وقدرتها الذاتية على مواجهة اسباب مرضها كما فعلت اكثر من مرة.

ثمة من يرى ان هذه الامة لن تصلح الا بما صلح به اولها ، وثمة من يرى انها لن تصلح الا بما صلح به غيرها ، لكن المهم هنا هو الاصلاح ، المتعلق بالأمة لا بمجرد الافراد ، وبالمناخات لا مجرد السلوكيات ، وهذا لا يتحقق الا اذا تحول الصلاح الى اصلاح ، وانتقل من دائرة التنظير الى العمل ومن معالجة الاعراض الى فهم الامراض وتشخيصها ومعرفة مراحلها واستدراك اخطارها.. وهذه مهمة المصلحين في المجتمعات والباحثين في المراكز البحثية والجامعات قبل ان تكون مهة الساسة والحكومات.

في كتابه “شروط النهضة” يرصد مالك بن بني حالة المريض “العربي” الذي لم يبرأ منذ مئة عام من آلامه: الاستعمار ونتائجه ، الامية بأشكالها ، الفقر والظلم والقهر...الخ ، وليس امامه سوى طريقتين للتخلص من هذه الآلام: معالجة المرض واستئصاله او “اعدام” المريض.. وحين جرب الدخول الى صيدلية الحضارة الغربية للحصول على وصفة “العلاج” لم يجدها ، وعليه يقترح ابن بني ثلاثة مستويات لفهم مشكلة الانسان العربي مع الاصلاح: مشكلة الانسان وتغييره يبدأ من النفس ، بمعرفتها وتعريفها للآخرين وبمعرفة الآخر وعدم التعالي عليه ، ومشكلة التراب من حيث قيمته الاجتماعية وحلها موجود في اعادة الاعتبار لقيمة “الشجرة” التي تكسر حدة التصحر الذي يعاني منه الانسان ، والمشكلة الثالثة تتعلق بالوقت الذي هو المكوّن الاساس لأي حضارة.

لكن ابن بني يعيد “تراجع” الامة عن تحقيق النهضة الى عدة اسباب منها “قابليتها للاستعمار” وشيوع ثقافة الاستهانة والتهوين ، وطغيان الاشياء والاشخاص والافكار والانشغال بالتفاصيل لا بالكليات وهذا ما يوافق عليه بعض دعاة الاصلاح المعاصرين ، اذ يرى الدكتور ماجد الكيلاني مثلا ان الاسباب التي تؤدي الى مرض الأمم وقرب آجالها منها ما هو طبيعي كالهرم وانتهاء زمن الابتلاء ، ومنها ما هو مرضي يتعلق بمخالفة قواعد صحة الأمم واهم تلك القواعد “الدوران” حول الافكار المنتجة بدل الدوران حول الاشخاص والأشياء ، وهي نتيجة تضمنها القوانين الطبيعية والسنن الكونية ايضا.

تبقى مسألتان: احداهما انه من باب التسطيح الفكري اثارة سؤال مثل من يتحمل مسؤولية الكبوة؟ ومن يتحمل مسؤولية النهضة ايضا باعتبار ان الجميع يتحملون هذه المسؤولية ويتقاسمونها وان الانشغال بها يوطّن الازمة لا يحلها ، والاخرى انه من باب “التنفيس” اثارة سؤال مثل هل من خروج الى سبيل ، بدون فهم وعمل ، باعتبار ان نشر الأمل في مقابل اليأس هو ما نملكه لوقف ما اعترى امتنا من تراجع.. وفي ظني ان الأمل المغشوش هو الوجه الآخر لليأس.. وان ما نحتاجه هو العمل المنتج للأمل.. والممارسة التي تحيي الفكرة.. والمصلحون الحقيقيون القادرون على صناعة الحدث لا مجرد كتابته او تدوينه.. وهؤلاء -للأسف- ما زالوا في رحم الغيب
( الدستور )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات