حضانات أماكن العمل من حقوق العاملات

مشاركة المرأة الأردنية في سوق العمل ما زالت متدنية جداً رغم أهميتها التامة لمعظم أنواع الأعمال في القطاعين العام والخاص على السواء, مما يلقي بظلال سلبية على الانجازات التي حققتها ويتعارض مع التشريعات والحقوق الدستورية التي تنص على المساواة التامة بين الأردنيين إناثاً وذكوراً, بخاصة مع إثبات الجدارة النسائية في مختلف المواقع القيادية والوظيفية والمهنية وتقدمها الذي فاق حتى من يزاملونها من الرجال في التعليم العالي وأهمية التخصصات التي يفترض أن تتيح لها فرص التعيين في أي مجال كانت.
موانع كثيرة ما زالت تقف عثرة في طريق زيادة أعداد الملتحقات بسوق العمل, وتحول دون قيامهن بالدور الوطني والإنساني الذي لا يختلفن فيه مع غيرهن من الطبيعة الجندرية, مما أدى إلى تضاؤل نسبة العاملات من الإناث في الأردن لتصل إلى 14.9% بموجب الأرقام الصادرة عن دائرة الإحصاءات العامة عام 2010م بينما سجل الذكور في المقابل 64.8% أي أكثر من أربعة أضعاف في الوقت الذي يتناصف فيه عدد السكان على وجه التقريب بين الذكور والإناث.
لا تتوقف التحديات التي تواجهها المرأة على ندرة فرص العمل المتاحة أمامها فقط وخير دليل على ذلك أن ما يزيد على 70% من طلبات التعيين في ديوان الخدمة المدنية على سبيل المثال تتقدم فيها الإناث في حين لا يلتحق بالوظائف منهن ما يصل إلى 4% سنوياً, بل تعددت العقبات التي تواجهها حين التحاقها بعملها أيضاً حين تشترط بعض جهات القطاع الخاص منها البنوك وغيرها عليها عدم الزواج الذي يعتبر حقاً شرعياً وإنسانياً واجتماعياً مطلقاً ولا تتوانى عن فصلها من العمل إذا ما جمعها بغيرها الرباط الزوجي المقدس.
أما إذا أنجبت الأطفال فإنها في معظم الأحيان لا بد لها من الاختيار بين عملها وتربية أبنائها, نظراً للتكاليف الباهظة التي ستتحملها مع عدم وجود الحضانات في الغالبية العظمى من أماكن العمل العامة والخاصة, وهذا ما جعل وزارة العمل تؤكد في بيان لها مؤخراً أن عدم وجود خدمة الحضانة تعتبر من الأسباب الرئيسية لعزوف المرأة عن العمل وحرمانها من الشعور بالإستقرار الوظيفي العائلي, ما دام الأطفال في الأردن من الفئة العمرية بين سنة إلى أربع سنوات تبلغ نسبتهم حوالي 12% من السكان وتلتحق نسبة 2% منهم لا غير في 807 دور حضانة.
لا يكفي أن تورد وزارة العمل في بيانها بهذا الشأن المادة 72 من قانون العمل التي تنص على ما يلي " على أصحاب العمل الذين يستخدمون ما لا يقل عن 20 عاملة تهيئة مكان مناسب ليكون في عهدة أشخاص مؤهلين لرعاية أطفال العاملات الذين تقل أعمارهم عن أربع سنوات على أن لا يقل عددهم عن عشرة أطفال" بل لا بد لها من إيجاد الآليات الفاعلة لتطبيق هذا النص القانوني على أرض الواقع.
لما كانت دور الحضانة الخاصة في غير مقدور العاملات في القطاع العام إجمالاً فإن من واجب الوزارات والدوائر والمؤسسات الحكومية توفير هذه الخدمة لهن, وعدم اقتصارها على عدد محدود منها, اما فيما يتعلق بالقطاع الخاص من شركات وبنوك ومصانع ومعامل وأية قطاعات أخرى فإن عليه القيام بواجبه كاملاً تجاه المرأة العاملة لديه من جميع النواحي, وهذا ما يشمل توفير الحضانات وفقاً لقانون العمل الذي وضع من أجل اتاحة الظروف الملائمة لاستمرارها في العمل وضمان حصولها على الحقوق الكاملة بلا أي نقصان أو انتقاص. ( العرب اليوم )