سورية .. دموية النظام وعقم المعارضة إلى أين ؟

بدا لي ان النظام السوري الملطخ بالدم محظوظ على المستويات الاقليمية والدولية وقد خدمته الظروف ليبقى أكثر مدة مما بقيت الانظمة العربية التي أطاح بها الربيع العربي.. وهذا يعود لعدة أسباب..منها دموية النظام نفسه واتخاذه قرار القتال والاندفاع فيه منذ اليوم الأول ودفاعه عن تركة مطلوب رأسها لو تراخى ولو خطوة واحدة..ومنها أيضاً أن المعارضة السورية كانت ممزقة وبقيت ولم تتعظ وتعتبر وراحت تستعمل أساليب لا تليق بمواجهة هكذا نظام ..فمن التمزق الى فقدان تداول المواقع أو الأخذ بالديموقراطية المركزية ولا حتى اللامركزية..اما على المستوى الدولي فإن النظام السوري استفاد من تأييد سياسي روسي وصيني مباشر وعبر الأمم المتحدة حيث تولت الدولتان وخاصة روسيا الدفاع عن النظام ومصالحه بصورة سافرة وقايضت الانظمة الدولية المتنفذة لتبقى تساند نظام الأسد وهي المسألة التي لم تكن أنظمة عربية عديدة معادية للنظام السوري تتوقعها حين استعصى عليها تغيير الموقف الروسي بوسائل عديدة مشروعة وغير مشروعة..وقد لحقت الصين بالموقف الروسي لاعتبارات صينية وثنائية روسية ولرغبة الصين في الصمود واستعادة مواقفها وامتيازاتها التي هددت في ليبيا وافريقيا ولا تريدها أن تتهدد في ايران حيث الاعتماد الصيني على ايران كبيراً ..والنظام السوري محظوظ بقدرته على خلط الاوراق اللبنانية لصالحه واستعمال نفوذه عبر القوى السياسية العديدة وفي مقدمتها حزب الله وأحزاب ومنظمات وهيئات أخرى..
وهو محظوظ لانه جبهة الاعتدال التي كانت تواجهه حين كان يدعي الممانعة سقطت منها مصر ولم يبق فيها سوى الأردن، أما الدول العربية التي وعدت بتسليح المعارضة فلم تفعل واكتفت بالمساعدات أو الدعم السياسي المحدود في حين جرى تبرير الموقف التركي وتصنيفه كسائر دول العالم رغم بداياته القوية التي هددت النظام بحرب لا تبقي ولا تذر وحتى الجامعة العربية اختبأت وراء مبادرة كوفي عنان وانسحبت من الواجهة ومارست الانتظار..
إذن النظام السوري الذي استمر على عنفه واحتوائه للمقاومة يشعر أن خصومه في الاقليم والعالم يكررون نفس مواقفهم التي ما زال يستطيع احتواؤها..وما زال يرى أنه قادر على ممارسة القتل والحصار والاعتقال وتسويق حتى مقولاته الاعلامية وروايته التي تعتمد على أن سوريا تواجه مؤامرة وان قوى التخريب والارهاب هي التي تقتل في سوريا وقد استطاع النظام أن يسجل اختراعاً بهذه الرواية لدى جهات دولية عديدة سواء من بعثة كوفي عنان أو بعض اوساط الأمم المتحدة التي حملت القاعدة ومنظمات ارهابية وأخرى مسؤولية بعض التفجيرات مما جعل النظام السوري يختبيء وراء روايته ويعززها بمزيد من العنف ومواصلة الاحتواء والتعبئة لمن بقي من أنصاره ..على قاعدة ان العالم ألف مشاهد القتل في سوريا وعليه ان يبحث عن ادانة لغير النظام..
المعارضة لا تعكس الواقع السوري..وخاصة معارضة الخارج التي تضع عيونها على الخارج وتدخلاته وتكرار ما حدث في العراق وليبيا وهذه المعارضة ليست ذات ارتباط وثيق بالداخل وقراءته كما يجب أو استمرار تحريكه ليخرج من تقليد الجمعة الى ثورة مستمرة على مدار الأسبوع والى عصيان مدني واضراب شامل والى شل قدرات النظام والتضييق عليه باكثر مما هو قائم..
النظام السوري الذي قد يستمر لفترة اطول مما يتوقعه المراقبون بعد أن تكيف مع حالته التي قد تستمر سنتين وزيادة وقد تشهد تغيرات في الاقليم يراهن عليها هذا النظام لم يعد يعبأ بالمواقف الدولية في تخفيف عنفه وأساليبه..فقد ادانته لجنة التعذيب في الأمم المتحدة وكذلك منظمة اطباء بلا حدود ولقتله الجرحى وعمليات الاعدام الميدانية وادانة الدول الثمانية الكبار..ولجنة تنسيق الشؤون الانسانية وحتى الامين العام بان كي مون والادانة الفرنسية والاميركية والقطرية والتركية وعدم انفاذخطة عنان واعتداء جيشه على المراقبين وقتلهم وجرحهم وقد وصلت به الغطرسة والاندفاعة الدموية حد تهديد الجوار واشعال المنطقة والضغط على الحكومة اللبنانية واتهام القوى السياسية اللبنانية التي تعارضه بالسماح بممارسة الارهاب ضده..
النظام السوري استفاد من الدروس ويبدو أنه محظوظ بضعف المعارضة وبغياب القوى الدولية عن الفعل العملي ضده وبوجود أنظمة تدافع عنه و يرتبط مصيرها بمصيره... ( الرأي )