عودة التيار القومي اليساري

تم نشره الثلاثاء 29 أيّار / مايو 2012 01:35 مساءً
عودة التيار القومي اليساري
لميس اندوني

على التيارات العلمانية, اليسارية والقومية منها, التوقف طويلاً عند معنى فوز المرشح الناصري حمدين صباحي في انتخابات الرئاسة المصرية في المركز الثالث ¯ لدراسة التجربة بنجاحاتها واخفاقاتها.
نجح صباحي رغم محدودية الموارد المالية للحملة ووسط حملة تحشيد إعلامية رسمية, بثت الخوف والذعر من انهيار الاستقرار في مصر إذا لم ينجح مرشح المجلس العسكري أحمد شفيق, رغم القدرة التنظيمية العالية والواسعة للإخوان المسلمين وتيارات الإسلام السياسي.
لا شك أن حيازة المرشح الناصري على أكثر من 21 بالمئة من أصوات الناخبين, دلت أن وعي الشعب المصري بارتباط القضايا المطلبية والعدالة الاجتماعية, بقضايا التحرر الوطني رغم اتفاقية كامب ديفيد وارتهان مصر بالاعتماد على المعونات الأمريكية, بما يتبع ذلك من شروط سياسية واقتصادية.
لكن يجب التنبه أن ما جذب المواطن المصري إلى حمدين صباحي, وما يطرح من شعارات وخطاب سياسي, هو أنه يشبهه, ليس فقط من خلال تاريخه الملتصق بقضاياه, وهذا أمر مهم جداً, بل كيف قاد, هو وفريقه الحملة من دون نبرة استعلائية, متحدثاً بلغة مفهومة وبسيطة تتجاوب مع آمال مستمعيه وتلمس أرواحهم.
حملة صباحي, مثلاً لم تحاول أن تحارب التيار الإسلامي في خطابها, محترمة مشاعر الناس ومعتقداتها, وكانت كل رحلة على باص المرشح, وفي التجمعات الانتخابية تبدأ بتلاوة من القرآن الكريم, قبل التوقف دقيقة احتراماً لأرواح شهداء الثورة المصرية.
خطاب حمدين صباحي, رغم أنه كان علمانياً راقياً, لكنه لم يخدش مشاعر الناس, بأي لغة اقصائية ¯ فلم يكن هناك تحد صارخ للفكر الديني لا بالكتابات ولا بالخطابات.
صباحي استطاع الوصول إلى الناس ليس فقط باستنهاض المشاعر القومية, وهذا دليل على مدى تأثير الحقبة الناصرية, ولكن بالتحدث عن قضاياهم, مثلاً في مصر مسألة تحديد الحد الأدنى للأجور هي مسألة ذات أهمية كبيرة يتجاوب معها الناس, مثل تجاوبهم مع قضية ارتفاع السلع الغذائية, وربطها بالسياسات الاقتصادية التي ضربت الزراعة وزاد الاعتماد على الاستيراد.
لكن السر, إذا كان هناك سر, لا يكمن في الخطاب السياسي مضموناً وأسلوباً فقط, بل ما أظهرته الانتخابات المصرية, أن للتجربة التراكمية واستمرارية وطول فترة النضال أثراً, قد لا يقره بعض شباب الثورات والحراكات العربية.
هذا لا يعني التقليل من دور الجيل الشاب, الذي بمبادرته وشجاعته حررنا من الخوف, لكن الانتفاضات والثورات الشعبية الواسعة هي ليست وليدة الحدث اللحظي, الذي أشعلها, بل نتيجة سنوات أو عقود من النضال والتضحيات وصولاً إلى نقطة الذروة.
أصبح من الواضح الآن, أن القوى والشخصيات وحتى شباب الثورة وبعض رموزها, الذين رفضوا الوقوف مع الصباحي, وآثروا تأييد مرشحين يساريين أقل تأثيراً, كانوا على خطأ, فهم لم يشتتوا الأصوات فقط بل خسروا فرصة وصول المرشح القومي اليساري, العلماني التوجه إلى المركز الثاني.
وينطبق هذا على أولئك الذين اختاروا العمل, وبالتالي وضع رصيدهم الشعبي خلف الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح لأنهم كانوا على ثقة أن "الاعتدال الإسلامي " للمرشح, الذي جاء في المرتبة الرابعة, يمنع تقسيم المجتمع المصري "بين العلمانيين والتيار الإسلامي", ولسبب اخر سحب أصوات مئات الألوف من الناخبين المحافظين دينياً من مرشح الإخوان.
أتفهم شخصياً خطر إحداث شق في أي مجتمع بين العلمانيين و التيار الديني;أولاً هناك مئات الألوف أو ملايين من الناخبين المصريين والعرب ممن يعتبرون أنفسهم متدينين, وأقصد المسلمين تحديداً لكن لا يرون أنفسهم علمانيين أو إسلاميين بالمعنى الأيديولوجي, ثانياً, لأنني أرفض الفكر الإقصائي دينياً كان ام علمانياً.
لكن كما ثبت من النتائج, أن حمدين صباحي, اعتمد بالأساس لغة وخطاباً, وحدوياً وليس انقسامياً فئويا, اعتمد على حقوق الناس, علمانيين كانوا أم متزمتين دينياً ¯ لأن العلماني قد يصوت, والكثير من العلمانيين صوتوا, لعمرو موسى أو حتى لأحمد شفيق.
والدليل الأكبر حملة أبو الفتوح, فيبدو الآن أن جزءاً كبيراً من السلفيين أعطوا أصواتهم للإخوان المسلمين - رغم إعلان حركتهم بدعم أبو الفتوح, بينما نقل الكثير من العلمانيين, والأقباط المسيحيين - أصواتهم إلى عمرو موسى والأكثرية من الفريق الثاني إلى أحمد شفيق.
في مقال سابق عن ظاهرة هجرة رموز سياسية يسارية وليبرالية إلى حملة أبو الفتوح, خلصت أن ذلك دليل على انقسام اليسار وضعفه, و دلت النتائج إلى حقائق أخرى هي اهتزاز ثقة مثقفي اليسار والقوميين بقوتهم الجماهيرية, خاصة إذا كان هناك شخصية أو شخصيات لم تمل أو تبتعد عن قضايا الناس وهمومها. ( العرب اليوم )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات