شاهد مشفش حاجة

مغلوب على أمرهم أهل البلد، فهم دائما في دائرة الاستهداف وهم من يتحملون تبعات قرارات سياسية واقتصادية سابقة، أم تلك التي تطبخ على النار استعدادا لإطلاقها.
هم المتهم الأول والأخير في التشوهات الحاصلة في الوضع الاقتصادي، ويتحملون مسؤولية عجز الموازنة وعبء الدين؛ لكونهم متهمين بتلقيهم دعما على السلع والمحروقات.
عند الحديث عن معدلات فقر وبطالة مرتفعة، توجه اصابع الاتهام فورا لمن لا يرغبون في العمل ومن يجاهدون للحصول على وظيفة حكومية!
أما عند مراجعة مركز صحي ومشفى فيعاملون وكأنهم يستجدون العطف ويلتمسون العلاج والدواء؛ من خلال السؤال عن التحويلات وهويات الاثبات ودفع رسوم لم تعد رمزية رغم الإعفاءات والتأمين.
في هذه الأيام وبعد قرار الحكومة رفع أسعار البنزين "95 أوكتان" والكهرباء على قطاعات محددة، يلقى أهل البلد انتقادات واسعة حتى من وسائل إعلام على صمتهم وعدم خروجهم إلى الشارع للاحتجاج.
هنالك من حرق نفسه، وآخر عرض فلذات كبده للبيع، وكثر من يمارسون الجريمة المنظمة وغير ذلك، وبكل أشكالها من اعتداء وقتل واغتصاب وهتك وتعد على الحرمات، وضمن معدلات مقلقة.
في المقابل، تجد لدى المسؤولين مبررات غير واقعية؛ فهم يرون أن تلك الحالات كانت موجودة بالفعل وبنفس الحجم، إلا أن توسع أدوات الاعلام وتطورها كما يدعون هو من وضعها على السطح وجعلها معلومة.
من خلال تشخيص بسيط للوضع في البلاد، هنالك الشعب وجلهم من الطبقات المتوسطة والفقيرة، يقابلها النخبة سياسية أو اقتصادية، تلك الأخيرة تسير الوضع باتجاه الاحتجاج أو الانصياع، وغالبا ما تكون مشتبهة بالفساد.
تلك النخبة تعاظم دورها في ظل اتساع الفجوة بين طبقات الناس؛ فلم يعد هنالك طبقة معتدلة تحفظ التوازن في المجتمع، وبسبب تردي الوضع الاقتصادي، فالغني ازداد مالا، والفقراء جروا الطبقة المتوسطة باتجاههم.
أهل البلد كالشاهد وعلى النقيض من مفهوم مسرحية " شاهد مشفش حاجة"؛ إذ إنهم يشهدون لكن ما باليد حيلة حتى الآن، أما قريبا فلا احد يعلم إن كانوا سيتحولون من شهود عيان إلى فاعلين ضمن احتجاجات أو مجالات أخرى.(السبيل)