مرسي والخطوات الضرورية للنجاح

معركة الرئاسة تمر بأشدّ محطاتها حرجاً وخطورة في تاريخ مصر والعالم العربي، وسوف ينعكس أثرها علينا وعلى العالم أجمع، ولذلك لا غرابة إذا قيل أنّ هناك مخططاً محكماً للانقلاب على الثورة واحتوائها من خلال تفريغها من مضمونها عن طريق الإمساك بآخر حلقة من سلسلة النظام المنهار من أجل الحفاظ على منظومته السابقة وإعادة الإمساك بزمام الأمور من جديد، ويدعم هذا المخطط كل دوائر النفوذ الصهيوني والأمريكي وفلول النظام والمؤسسة العسكرية والأمنية وتحالف المتضررين من الثورة والتغيير، عن طريق التمسك بإنجاح خيار "أحمد شفيق".
ولذلك على مرسي وكل معسكر الثورة والإصلاح، أن يشكلوا قاعدة صلبة من أجل بناء النظام الجديد وبناء مصر الجديدة، ويجب نسيان كل أنواع الخلافات التي عظمت في صفوف الإصلاحيين لأسباب وعوامل كثيرة لا مجال لذكرها، ولكن يجب تأجيلها على أقل تقدير، ممّا يقتضي على الحركة الإسلامية أن تفكر بعمق ورويّة ومرونة واسعة ومشاركة مسؤولة وجدية مع الآخرين في كيفية مواجهة هذا المخطط بكفاءة وتحقيق النجاح، وهذا يقتضي القيام بالخطوات التالية:
أولاً: إعلان مرسي الاستقالة من الإخوان وحزب العدالة، وأن يكون رئيساً لكلّ الشعب المصري بكلّ مكوناته، وبكلّ اتجاهاته، ولكلّ المؤيدين والمخالفين على قدرٍ سواء، بنية حقيقية بعيدة عن المناورة والتكتيك. والتمسك بالخيار المؤسسي البعيد عن مصطلح البيعة والسمع والطاعة التنظيمية وغير ذلك من أمور تثير الخوف والضبابية في الجمهور المصري والعربي.
ثانياً: تشكيل تحالف أو ائتلاف من القوى السياسية الرئيسية، واعتماد منهج المشاركة معها في إدارة الدولة مشاركة حقيقية، وهذا يقتضي التفكير باستيعاب "حمدين صباحي" ومن معه، وكذلك "أبو الفتوح" ومناصرين، وحتى "عمرو موسى" يمكن التفكير في استيعابه ضمن تحالف معلن على المبادئ الرئيسية التي تحقق مصلحة الشعب المصري عامّة، ويمكن اقتسام مؤسسات الحكم ضمن هذا الإطار الذي يشمل مؤسسة الرئاسة من نواب ومساعدين ومستشارين، وكذلك رئاسة الحكومة والوزارات السيادية.
ثالثاً: القيام بالخطوات التطمينية للأقباط، وشرائح المثقفين والفنانين، الذين أصابهم الرعب نتيجة صعود الإخوان، والتطمين يجب أن يستند إلى منهج عملي أصيل في الحكم والإدارة، بحيث يتمّ التأكيد على مشاركة الأقباط بفاعلية في مؤسسة الحكم، والاعتراف بوجودهم الأصيل والفاعل في الحياة السياسية والاجتماعية بوجهٍ عام، واحترام الثقافة والفن ودورهما في مشروع مصر الحديثة.
رابعاً: إعطاء الحريات مساحة واسعة من الخطاب السياسي لمرسي ومن معه، بحيث يجب إزالة الشبهات التي لحقت بخطاب الإخوان في ما يتعلق بفرض الحجاب ومظاهر التدين على جميع أفراد المجتمع، بطريقة كاريكاتيرية تدعو للسخرية، بخطاب حاسم وواضح لا يحتمل اللبس أو الشك والريبة.
والتمسك بعدم استعمال السلطة والقوة في فرض القيم الإسلامية بالإكراه على الجماهير والمخالفين.
خامساً: إعلان التمسك ببناء الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة، التي تستند إلى المشروع الحضاري العربي الإسلامي الكبير، والاحتكام إلى رأي الجماهير، وصناديق الاقتراع النزيهة في حسم المسائل العامة، والتعهد بعدم ممارسة كل أساليب الإقصاء ضد الآخر. ( العرب اليوم )