خطوتان إلى الوراء

الانتخابات الرئاسية المصرية ليست عرسا عند الجيران اذ ان ما يجري في مصر تجد اثره ليس في الاقليم فقط بل وفي العالم باسره وكلنا يذكر او يقرأ ان ثورة يوليو كانت مفتاحا لانتاج طريق ثالث في العالم بين معسكري الرأسمالية والشيوعية كما ان تحولات السادات «السلمية» اخرجت السوفييت من الشرق الاوسط برمته فمهدت لاندثار الكتلة الشرقية .. اذن فمصر ذات ثقل دولي واقليمي ينتج اثره المباشر على العلاقات الدولية ومنها بالضرورة بنية الاقليم .
في هذا الاطار لن تكون الانتخابات الرئاسية المصرية الا حلقة في سلسلة الثورة المصرية اذ لن تشهد ارض الكنانة استقرارا تاما بعد اجراء الانتخابات بل ربما تكون مجرد بداية لصيرورة ثورية تمتد لاعوام.
استنادا الى ذلك سيبقى التحالف الهش قائما بين القوى الديمقراطية والحركة الاسلامية في اطار تناقض ثانوي بين مكونات الثورة المصرية في حال نجح احمد شفيق في الانتخابات الرئاسية وسيبقى فلول النظام السابق حجر عثرة في طريق تقدم الثورة المصرية لكن نجاح محمد مرسي في سباق الرئاسة من شأنه طي صفحة النظام السابق مرة والى الابد وتصعيد التناقض الثانوي بين مكونات الثورة ليكون التناقض الرئيسي وهو ما يغني انتقال الثورة المصرية مرحلة جديدة كليا.
من يقرأ تاريخ الثورات من الفرنسية الى الاميركية الى البلشفية يرصد خيطا لاظما لها كلها وهو ما يسمى «الحنين غير الثوري» للحقبة السابقة عبر اللعب على وتر الاستقرار والخشية من انفلات الامن لكن «المغامرة الثورية تستطيع التطويح بالخوف الشعبي من غياب الاستقرار من اجل الانتقال الى حالة تنهي كل ذيول الماضي وبناء استقرار اخر على اسس متصلة بتغيير مواقع اطراف الصراع الاجتماعي الاقتصادي السياسي.
القوى الديمقراطية المصرية مدعوة لطي ملف النظام السابق ان كانوا امناء على نهجهم الثوري الخالي من التسويات ومعنيون اكثر بتوريط شركائهم الاسلاميين في لعبة السلطة اكثر واكثر لانهم بذلك يضمنون انتقال الحركة الاسلامية من مرحلة الاستثمار في اخطاء الغير والاتكاء على الامية المتدينة الى مرحلة بناء القرارات والاختبار الميداني لمقولاتهم في الجانبين الاقتصادي والاجتماعي.
نجاح شفيق خطوة الى الوراء ونجاح مرسي خطوتان الى الوراء غير انهما ستلغيان مرة والى الابد كل بقايا النظام السياسي السابق تمهيدا لبناء معارضة ثورية ديمقراطية ضد سلطة لا تستطيع التفكير الا كمعارضة مظلومة.
( الرأي )