قبل الحسم في سوريا

المتابعة الدولية للأوضاع في سوريا وصلت أمس مرحلة العزل للنظام، عبر حملة شبه شاملة لطرد سفرائه ودبلوماسييه في أميركا ومن عدة عواصم أوروبية، وسوف تتّسع الحملة لعواصم أخرى تباعا، لتأمين حصار محكم له، يضعفه أكثر ما يكون قبل الانقضاض عليه.
الأمر الذي يتجاهله النظام في سوريا، إن ما يعتبره صمودا، إنّما هو في واقعه استمرار في مواجهة مع الشعب يجري استغلالها خارجيا لتكون وسيلة للتدخل والحسم، والتشارك لاحقا في رسم سوريا ما بعد بشار. إضافة لتجاهله ضياع الفرص الواحدة بعد الأخرى، التي كان من الممكن لها تأمين حلول تحمي سوريا من الفوضى وإبقاء سياستها الوطنية والقومية في أمان، وبعيدة عن العبث بها وحرفها نحو مسارات مغايرة لمصالحها ودورها التاريخي.
أمّا استمراره بسياسة التجاهل، فيعني أنّه ذاهب حتى النهاية في المواجهة، وأنّه يراهن على انتصار لن يحققه أبداً، إذ لم يحدث قط أن انتصر حاكم على شعب أبداً، والتاريخ مليء بالشواهد، ومنها شجرة الدر، الفرنسية ماري أنطوانيت التي فصل شعبها رأسها عن جسدها، تشاوسيسكو، وأخيرا وليس آخرا القذافي، وكثير غيرهم على مرّ العصور، وليس من هؤلاء من أسف عليه أحد.
عناد النظام مع الشعب أوصل إلى أن يكون التدخل الأجنبي مطلبا للسوريين لتأمينهم من القتل، وبذلك يصبح تدخلا شرعيا، وهو يوشك أن يبدأ. فهل هذا ما يسعى إليه من عناده؟ ألا يشبه حاله واقع الذي أتى بالدب إلى مزرعته؟
السؤال الآن، ماذا بعد؟ وهل أُهدِرت كل الفرص، أم ما زال منها متاح؟
بعد الكثير من النصائح التي أتت من عقلاء ومؤيدين ومخلصين ومحبين، ولم يُؤخَذ بها، وإنّما رداً بتوفيرها على مقدّميها، لم يعد في المقام للنصائح قيمة، ولا أكثر خوفا على سوريا من أن يُقال الآن «قد أسمعت لو ناديت حيا»، فلا زال هناك أملا أن يجد النظام مخرجه، وأن يتيحه للشعب أيضا. ( السبيل )