ثلث مليار علامة تعجب!!

تم نشره الإثنين 04 حزيران / يونيو 2012 10:52 صباحاً
ثلث مليار علامة تعجب!!
خيري منصور

كنا قد قرأنا عشرات الكتب ومئات المقالات عن الفارق بين حربي حزيران 1967 واكتوبر 1973 وفيها مقارنات عسكرية وآراء حول متغيرات السياسة الدولية والوضع الاقليمي. لكن ما سمعته بعد ذلك من اصدقاء مصريين منهم مثقفون وعسكريون متقاعدون وباحثون في علمي النفس والاجتماع، استوقفني اكثر من كل تلك الكتب والمقالات، وهو يتلخص بعبارة واحدة، هي ان جيل حرب اكتوبر كان اكثره من المتعلمين والمجندين من خريجي الاكاديميات والجامعات، وذلك أمر له دلالات فاتت الكثير من الناس. والفارق الآخر بين الحربين حسب ما سمعت من اصدقاء لهم صلة بالبحث الاجتماعي والقوانين، هو ان منسوب الجريمة بمختلف فئاتها تراجع بشكل ملحوظ خلال تلك الحرب.

ورأى بعضهم ان السبب في ذلك اضافة الى المناخ الوطني العام، هو ان الفرد يشعر بالخجل اذا كانت بلاده مشتبكة في حرب والناس يموتون دفاعاً عنها، فلا تكون الجرأة ذاتها على اقتراف الجرائم بدءاً من السرقة.

واذا اخذت هاتين الملاحظتين على محمل الجد وأنا أشك في ذلك، لأن كل ما هو جوهري وجدير بالتأمل ضائع في هذا الزحام تحت الاقدام، فان ما جرى في عالمنا العربي منذ حروب الخليج الثلاث، وبالتحديد احتلال العراق والمشاهد التي اقترنت بهذا الاحتلال وما أعقبه كان له دور حاسم في الخلخلة الزلزالية التي عصفت بمنظومة القيم، فلم يعد في عالمنا من الكوابح الذاتية ما يبشر بأن متوالية التحلل وشيكة الانتهاء.. فالاطفال الذين شاهدوا آباءهم وأمهاتهم يهتفون لزعماء ويعلقون صورهم على الجدران أو يزهون بأنهم على صلة او قرابة من الدرجة الالف مع هذا الزعيم أو زوجته او سائقه، ضبطوا هؤلاء الآباء وهم يصفعون الزعيم بالاحذية او يطالبون بإعدامه عدة مرات.. انها سلسلة من الصدمات بدءاً من فقدان الاطروحات القومية لصدقيتها، وليس انتهاء بسقوط هيبة الدولة ومن يمثلونها، وكانت تحتاج تربويا الى ما يشبه مصدات الصواعق، لكن ما حدث كالعادة، هو استخفاف مبالغ فيه بكل ما له علاقة بالتربية وعلم النفس والبحوث الاجتماعية، ولم تتكرم المعاهد ومراكز الابحاث المتخصصة - هذا اذا كان لها وجود - بتقديم اية احصاءات عن ارتفاع او انحسار منسوب الجرائم في اعقاب احداث معينة أو بالتزامن معها.

أما من يتحسرون على زمن مضى كان فيه من الضوابط والكوابح ما يصون المجتمع من الاوبئة الطاردة والتحلل، فهم يصابون بضيق النفس اذا حاول أحد الناس تحليل الظاهرة الغامضة لديهم.

في الماضي كان هناك فقر ربما أشد من هذا الفقر الجديد الذي يحتاج الى اعادة تعريف، لأن الفقير الآن ليس من لا يجد القوت والمأوى أو يجدهما بالحد الادنى، بل هو من لا يملك سيارة حديثة وموبايل اكثر تعقيدا، ويشتري في اليوم التالي نصف السلع التي شاهد اعلاناتها في الليل وأغرق الشاشة بلعابه. ما جرى لنا ولاطفالنا منذ ثلاثين عاما على الاقل بدأت باجتياح لبنان واستباحته وسط صمت قومي ثم شهدت سقوط عواصم كبرى والتنكيل بقادة أغرقوا في التصفيق المضلل، أدى بالضرورة الى هذه الشكوك بكل المواعظ ومنظومة القيم والاعراف، اما القادم فقد لا يبلغه حتى الخيال! ( الدستور )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات