النائب البرايسة يكتب : لنكن كباراً بحجم الوطن
المدينة نيوز – خاص – كتب النائب محمد راشد البرايسة - : إن كثرة ما يُعكّر مسار التحوّل الديمقراطي الآمن هو كثرة الاشكالات والقضايا المصطنعة ووضع العراقيل بصورة توحي بأن وراء الستار تختفي أطراف عدة تسعى بكل قوة وصلف للحيلولة دون بلوغنا الهدف المنشود. والصورة الواضحة التي نقرأها في تفاصيل المشهد تشير الى أن هناك من يتجه صوب اغتيال كل ما تحقق من جهود اصلاحية، وعرقلة جميع كل ما هو متصل بالتطلعات والطموحات المستقبلية الواعدة، وتوحي بلا شك أن الساحة أصبحت حلبة مفتوحة لتصفية الحسابات والأوراق الشخصية والحزبية، وأن البعض أصيب بإنسداد في الفهم وتبلد في الضمير والاحساس. ونعتقد أن هناك من يسعى لحشرنا جميعا في زاوية ضيقة لدرجة لا نُحسد عليها تترك غصة وحزناً قي ضمير كل عاقل يؤمن بحق الاختلاف في الرأي وينبذ كل دعوة للتمزق والفرقة والفوضى.
لقد صدرت مؤخرا الكثير من الأصوات التي تنادي بمقاطعة الانتخاب البرلمانية القادمة، أو حتى رفض الحوار حول القانون - لا ننكر على أي أحد حقه في ذلك - لكننا نعتقد أن الانتخابات البرلمانية القادمة - ربما- تكون أكثر من مجرد محطة انتخابية، ونأمل أن تكون طريقنا للتغيير وعلامة فارقة وقطيعة مع كل ما سبق من مراحل أرهقت كواهلنا جميعاً. وتدشين مرحلة جديدة عنوانها الشراكة الفاعلة بين كافة قوى المجتمع المدني على اختلاف توجهاتها السياسية والفكرية، شراكة هدفها الأساسي مصلحة الأردن وخير أبنائه. لذا فإن الجميع مطالب بصنع التغيير الذي ننشد، حيث يأتي الحوار الوطني الشامل كأهم مكون من مكونات هذا التغيير، وهو مطلب ضروري تفرضه الأوضاع الراهنة من أجل تنقية الساحة من الخلافات والأجواء المشحونة التي تطغى على المشهد السياسي. فالحوار - كان وما زال- هو الأسلوب الأمثل مهما كانت حدة الاختلافات في وجهات النظر، وبالتالي فإن دعوتنا للحوار بإعتباره فرصة مثالية أمام كافة القوى يجب استثمارها جيدا لطرح كافة تلك الرؤى والآراء على طاولة الحوار والبحث عن حلول ناجعة بعيداً عن الاشتراطات المسبقة ورفض التنازلات.
يكفينا ما ضاع من فرص سابقة لم تذهب هباءً فقط، بل كانت فرصة لصُناع الأزمات لشحن الأجواء وخلق المزيد من الأزمات، وبالتالي نتمنى أن يُبدي الجميع حُسن النية بعيداً عن أساليب المزايدات والمكايدات السياسية، والتوجه الى حوار وطني بما تحمله الكلمة من معنى، حوار يفضي الى نتيجة واحدة ووحيدة وهي التوصل الى حلول لكافة الاختلافات والتباينات وليس مجرد حوار شكلي وإسقاط واجب. فمن حق الجميع المشاركة لا بل والمنافسة في بناء الأردن الجديد الذي لا يقبل التقسيم، ونريد أن نكون كباراً بحجم الوطن، الأرض والإنسان. فالأردن يستحق منّا جميعاً أن نحبه ونخاف عليه ونعمل لأمنه واستقراره وتنميته ونهوضه وتطوره. وحماية منجزاتنا تنطلق من احساسنا بعظمة المسؤولية الوطنية والتاريخية والاخلاقية تجاه كل خطوة نُقدم عليها، وشعورنا بالانتماء الى الاردن الطيب بأرضه وأهله، يفرض علينا رفض أي محاولة لتسويد صورة حاضره ومستقبله.
لا يجدر في اللحظات التاريخية والمرحلة الشائكة والواقع المتأزم أن يقف أي منّا صامتاً أو مخرباً للجهود الوطنية التي تسعى لتجاوز الظروف الإقتصادية والسياسية. فقيامنا بالواجب الوطني وإنجاح الجهود الاصلاحية التي يرعاها جلالة الملك فريضة دينية وانسانية وأخلاقية لا يُعفى منها أحد لديه ذرة ضمير أو احساس بحق الانتماء للأردن التاريخ والجغرافيا. لذا فإننا لن نتشاءم مهما تعثرت خطانا لأن التحوّل والتغيير ديمقراطيا واجتماعيا وسياسيا وتنمويا يحمل معه الكثير من المتاعب والمعاناة وما علينا إلا العمل.. فالأردن الجديد بدأت تباشير فجره.