العامل الخارجي في التحديات الداخلية

لا تنمو المشكلات أمام أعين صناع القرار، اذ لو أنها نمت بشكل اعتيادي لما تفاجأوا بها بصورة حادة ولما استفزعوا القاصي والداني للاشتراك بحلها.
لكنني اميل الى تحليل آخر وهو ان مشكلاتنا يجري تصنيعها وتغليفها وارسالها لنا كي تنفجر في وجوهنا دون ان ندري (مواطنين او صناع قرار) ان هذه المشكلات جرى توضيبها لارباكنا.
ففي عهد الحكومة السابقة كنا نعتقد ان جدول الاعمال الوطني ينصب على الاصلاح في بعده التشريعي وانجاز القوانين وما اذا كانت الآليات الحكومية سريعة بما يكفي لاجراء الاستحقاقات الاصلاحية..
وقبلها كانت حكومة الدكتور معروف البخيت تضع في سلم اولوياتها، بالاضافة الى الاصلاح على طريقة غودو، الانتخابات البلدية وموضوع اعادة الهيكلة لكننا وفي عهد الحكومة الحالية نتفاجأ بان الملف الاقتصادي والتحديات الضاغطة على المالية العامة هي الاولى بالرعاية..
ترى هل جرى صناعة المشكلة الاقتصادية في مكان ما وجرى رميها في وجوهنا الآن ولماذا لم تكن المشكلة المالية - الاقتصادية هي في سلم اولويات الحكومتين الماضيتين؟
هل كانت المالية العامة عال العال؟ هل كانت مشكلاتنا والتحديات التي تواجهنا غير ملموسة وبالتالي حدث امر طارئ بدل الاولويات؟
ليست لنا مشكلات بالمعنى الجدي إلا ما قد تنتجه علاقاتنا الاقليمية والدولية وما هو متصل بادوارنا السياسية فان كانت هناك مشكلات فانها ليست نابعة من كونها مشكلات موضوعية وإلا لما كانت مفاجئة لصناع القرار غير انها مصنوعة بمواد اولية محلية لكنها وفق مخططات وتفصيلات متصلة بشأن اقليمي او دولي.
اذكر ان الحكومة اللبنانية كانت مدينة بحوالي 42 مليار دولار وكان الحديث عن حل هذه المشكلة وفق منطق سياسي يربط الحل الداخلي باستحقاق خارجي وبالتالي لم يكن ابناء الأرز مشغولين بمديونيتهم بقدر انشغالهم بالأثمان السياسية المتصلة بالحل ولبنان لا يختلف في حجم تأثره بالعامل الخارجي عن الأردن كثيرا، لذلك فانني أشتم رائحة عامل دولي ضاغط في الوضع المالي الحرج لماليتنا العامة.
المشكلة ليست بالتحديات فهي جزء من القدر الأردني وربما القدر الاقليمي الذي يعصف باقليم مضطرب لكننا نرى ان المشكلة في منسوب الشفافية في التعاطي مع الشأن الخارجي او العامل الخارجي في المعادلة الداخلية..
سبق وان مررنا بأزمات اعمق مما نواجهه الآن من تحديات وكان الحل دائماً يأتي عندما يتغير المزاج الاقليمي والدولي حيال الاقليم وبالتالي لا ينبغي المراهنة كثيراً على حلول داخلية لازمة قد يكون منشؤها اقليميا او دوليا.. ( الرأي )