القصة كما هي!

القصة ليست قصة حكم محكمة. فالاعتراض على حكم المحكمة يكون في محكمة أعلى... لا في ميدان التحرير. وأمام قاضٍ متقدم الرتبة لا أمام مليون متظاهر حولتهم الفضائيات الى محامين وحقوقيين!!.
القصة في مصر هي قصة انتخابات الرئاسة ولا شيء آخر!. فالأحزاب التي لم تتفق في الانتخابات الأولية تحاول أن تتفق كلها: الإخوان، والناصريون، واليساريون والسلفيون.. لتقف في مواجهة أحمد شفيق، واسقاطه ولو كان بيدها لكانوا ابدلوا خصمه الأخ المسلم بأي واحد!!.
وأحمد شفيق، كما يبدو، «هراش»، كما يقول العرب، فهو، كأحد قادة الجيش، مغرم بالعراك. وقد كان قائد سلاح الجو المتميز، وكان الوزير الخطير الذي انقذ شركة الطيران الوطنية من الافلاس، وجعل من مطارات مصر نافذة نظيفة يطل منها العالم على مصر قبلة السياحة، وبيت المزار!.
والشباب الذي ينهال على أحمد شفيق هو أنه من «الفلول»، أي أنه من المنهزمين، وهذا لم يثبت. فالرجل أخذ خمسة ملايين ونصف المليون صوت. والإخوان اخذوا في انتخابات مجلس الشعب 5ر12 مليون صوت، ثم هزمتهم أصوات الشعب في انتخابات الرئاسة فأخذوا أقل من النصف. فمن الذي انهزم؟!.
أما إذا كانت «الفلول» تعني نظام حسني مبارك فإن شفيق أخذ مكانه في القوات المسلحة قبل رئاسة مبارك. ووصل إلى قيادة القوات الجوية دون مبارك. وصار وزيراً لأن مبارك كان بحاجة إليه ولم يكن هو بحاجة إلى مبارك!!. وإذا كان المطلوب العزل السياسي لكل من خدم الدولة في عهد أي رئيس جمهورية، فإن هذا العزل يشمل كل موظفي الدولة، والجيش، والجامعات.. وكل من خدم مصر. ولأصبح من المطلوب هدم الاهرامات وأبو الهول ومعبد أبو سنبل وكل عظمة مصر التاريخية، وهي أبنية الفراعنة والسلاطين والخديويين والملوك، وهدم كل نظام سياسي وضع مصر على طريق الحضارة والتقدم .. لأنه نظام «فلول».
الهدف هو اسقاط أحمد شفيق، لأن الرجل يمثل خشية المصريين على وطنهم، ويمثل النظام والقانون.. ولأنه قوي, فليس من مصلحة النخب السياسية ان تتعامل مع الأقوياء.. هكذا وقفوا في وجه عبدالناصر.. وهكذا قبلوا «بالمسكين» حسني مبارك!!.
قد لا يكون أحمد شفيق هو ذلك الرجل القوي الذي يتصوّره أكثر المصريين، لكنهم يعرفون أنه كان جندياً، وكان وزيراً قوياً، وكان مرشحاً مميزاً لرئاسة الجمهورية.. صريحاً، وواضحاً ولا يلعب بالكلمات!!. ( الرأي )