محافظون ومحافظات .

لن يشعر أي مواطن أن الحكومة موجودة لخدمته؛ إذ إن الكل يدرك مدى المسافة التي تفصلهما عن بعضهما، وحجم الهوة الشاسعة بين مصالح الطرفين، وتكاد أن تكون معدومة من حيث الاحتياجات المختلفة للحكومة التي هي ليست نفسها للناس.
كما أن الاستماع إلى هموم الناس لم يعد على أجندة الحكومات منذ أمد، وتلبية احتياجاتهم لا يتعدى إدارة المعاملات لهم، التي غالبا ما تأتي معطلة للحاجات! ومتشددة بالمطالب! ومضيعة للوقت!
والمواطن لم يعد يثق بالحكومات أصلاً، ويكفيه بذلك ما يشاهده من تغيير وتبديل عليها، كما أنه لم يعد مهتماً بمن فيها من وزراء، أو حتى هوية الرئيس نفسه، وليس هناك من يمكنه تعداد أسماء مجرد وزيرين أو ثلاثة؛ لقلة الاكتراث، إضافة إلى اختفاء الهالة والقيمة لهم من النفوس إلى درجة الحديث عنهم بأقل الكلام، وما تيسر من التوجيب، وهو قليل جداً بالمجمل.
لم يعد بمقدور أي حكومة تلبية احتياجات الناس بالسوية الطبيعية، فلا إمكانيات جدية لها، ولا تملك أساساً إلا النَّزر اليسير الذي لم يعد يلبي احتياجاتها، فما بالنا باحتياجات الناس! وهي حكومات عابرة للناس، ولا يمكنها الوقوف عندهم أو معهم، وإنما عليهم!
والحكومة الحالية أكثر من يفعل ذلك، الآن وهي تعلن سياساتها لتوفير الاحتياجات من جيوب الناس رغم إدراكها أنها جيوب فارغة، وتعمد للتباهي برفع الأسعار وزيادة الضرائب؛ لأنها لا تملك بديلا ًسوى ذلك! وأعجز من أن تحقق دخولاً للخزينة بالعلم والعمل، وها هو وزير المالية لا يتوانى عن البحث عما بقي لدى الناس ليأخذه دون رحمة.
لا يمكن لوزير الداخلية وكل فريق الحكام الإداريين بالمملكة أن يَجبروا خاطر مواطن واحد، وإعادة توجيههم لن تجدي ما دام ليس لديهم ما يقدموه للتخفيف عنه، ودورهم في التنمية دون مقدرات سيكون كلاماً نظرياً منهم، وفي المساهمة بالإصلاح السياسي والاقتصادي سيكون عبثياً ما دام أنهم لم يعتادوه يوماً.
فَهْمُ غضب الناس بالمحافظات ومعالجة أوضاعهم لا يكون بواسطة احد ، ولا عبر تذكرهم كلما رفعوا صوتهم ، وهذا ما تظنه الحكومات وتمارسه ، لذا انتظروا علوه أكثر لتسمعوا منهم المزيد الذي سيتحول أفعالا كلما زاد غي الحكومات عليهم. ( السبيل )